السبت، 11 ديسمبر 2010

معنى السلفية


 معنى السلفية لغة واصطلاحا


    معنى السلفية لغة واصطلاحا منقولة من كتاب اتحاف الخلف بمنهج السلف
    المبحث الأول: تعريف السلفية وفيه أربعة مطالب
    المطلب الأول:السلفية لغة
    لفظة سلفية عربية ،وهي مصطلح قديم ،قال ابن فارس:(السين واللام والفاء أصل يدل على تقدم وسبق)(1)،وقال ابن منظور:(السلف الجماعة المتقدمون في السير أو في السن أو في الفضل أو في الموت، والسلف أيضا العمل المتقدم في الإنسان)(2).
    والسلفي هو المنسوب أو المنتسب للسلف،لان الياء هذه ياء النسبة،فهو ينسب نفسه أو ينسب غيره للجماعة المتقدمين،وأما السلفية:فهي نسبة مؤنثة للسلف كالسلفي المذكر.
    ويطلق السلف ويراد به لغة أحد ثلاثة معان (3):-
    الأول: التسوية،ومنه سلف- بفتح السين واللام- الأرض،من باب نصر،سواها بالمسِلفة –بكسر الميم- شيء تسوى به الأرض.
    الثاني:بمعنى مضى وتقدم،من سلف يسلُف،ومنه السلاف المتقدمون،وسلف الرجل:آباؤه المتقدمون،وجمعه أسلاف وسلاف.
    الثالث:بمعنى السَّلم،نوع من أنواع البيوع يعجل فيه الثمن وتضبط السلعة بالوصف إلى اجل معلوم،فالثمن مقدم على تسليم السلعة.
    المطلب الثاني: السلف في القرآن الكريم
    وردت كلمة سلف في القرآن الكريم مرادا بها معنى واحدا وهو السبق والتقدم في الزمن ومما ورد فيه قوله تعالى}فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآَخِرِينَ{ [ الزخرف الآية 56]،قال الإمام البغوي:(والسلف من تقدم من الآباء،أي فجعلناهم متقدمين ليتعظ بهم الآخرون)(4)،وقوله تعالى}قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ{[الأنفال الآية 38]،،أي يغفر لهم ما تقدم ومضى من الذنب،وقوله تعالى}عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ{[المائدة الآية 95]وقوله تعالى}كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ{[الحاقة الآية24 ] ، أي بما قدمت في الدنيا.

    المطلب الثالث: السلف في السنة النبوية
    يطلق السلف في السنة النبوية ويراد به خمسة معان وهي(1):-
    الأول: القرض
    الثاني:السَلَم
    الثالث:سلف الإنسان من تقدمه بالموت من آبائه وذوي قرابته،ولهذا سُمّي الصدر الأول من الأمة السلف الصالح.
    الرابع:السالفة وهي صفحة العنق وهما سالفتان من جانبيه.لما روي انه(r) مرّ برجل وهو يجر شاة بأذنها فقال:((دع أذنها وخذ بسالفتها))(2).
    الخامس:السلف من التمر وهو الجراب الضخم، فعن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه وكان بدريا قال :( لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثنا في السرية يا بني مالنا زاد إلا السلف من التمر فيقسمه قبضة قبضة حتى يصير إلى تمرة تمرة قال فقلت له يا أبت وما عسى أن تغني التمرة عنكم قال لا تقل ذلك يا بني فبعد أن فقدناها فاختللنا إليها)(3)
    وأنسب هذه المعاني لما نحن بصدده هو المعنى الثالث.
    المطلب الرابع: السلفية في الاصطلاح الشرعي
    يطلق لفظ السلف شرعا ويراد به الصحابة الكرام(t) والتابعون لهم بإحسان وأئمة الإسلام العدول ممن اتفقت الأمة على إمامتهم وعظم شأنهم في الدين،وتلقى المسلمون كلامهم خلفا عن سلف بالقبول كالأئمة الأربعة وغيرهم من أعلام الهدى، دون من رمي ببدعة أو لقب غير مرضي،فالسلف يطلق بالأصالة على القرون الثلاثة المفضلة بنص الحديث((إن خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال عمران فلا أدري أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قرنه مرتين أو ثلاثة ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن))(4)، هم الصحابة والتابعون وتابعيهم،ومن سلك مسلكهم واختط خطتهم في الدين أصولاً وفروعاً ومنهجا،قال تعالى}وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{[التوبة الآية 100]،ولا يرضى الله تعالى الا عمن صح دينه وثبتت عدالته على الدوام،وكما يظهر منه كونهم قدوة في الدين لمن بعدهم كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ))(1)،وهذا متضمن لوجوب إتباع ما هم عليه من الحق،لأنهم طريق الأمة في تلقي دينها والحفاظ على كتابها وسنة نبيها(r)،ولهذا كان القدح فيهم قدحا في الدين كله بل قدحاً في حكمة الله تعالى البالغة في اختيار لنبّيه(r) من الأصحاب مَن ليس أهلاً لنقل دينه وحماية شرعه،ولا أمينا على نقلها وتبليغها كما أنزلت على رسوله(r) حاشا لله تعالى.
    (فالسلف هم أهل القرون الأولى،خير قرون هذه الأمة وأقربها إلى تمثيل الإسلام فهما وإيمانا وسلوكا والتزاما،والسلفية الرجوع إلى ما كان عليه السلف الأول في فهم الدين عقيدةً وشريعةً وسلوكا)(2)، قال العلامة ابن عثيمين (رحمه الله) : (اعلم أن كلمة السلف تعني السلف زمناً ، والسلف معتقداً ، فإن أريدبالسلف معتقداً صح أن نقول لمن هم موجودون الآن على مذهب السلف ؛ نقول إن هؤلاء سلف، وإذا قلنا إن السلف هم السابقون زمنا فإنه يختص بالقرون الثلاثة المفضلة ،الصحابة والتابعون وتابعوا التابعين ، وكل الأمرين قد استعمله أهل العلم ، فتارةيريدون بالسلف من كان على طريقة السلف وإن كان متأخراً زمناً ، وتارة يقولون – أييريدون بالسلف- القرون الثلاثة المفضلة ، ولهذا تجدهم يقولون مثلاً
    وهذا ماذهب إليه سلف الأمة وأئمتها ، ويريدون بالسلف هنا القرون الثلاثة المفضلة)(3)،(السلفية نسبة إلى السلف والسلف هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة الهدى من أهل القرون الثلاثة الأولى (رضي الله عنهم) الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخير في قوله: ((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجئ أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته)) رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد في مسنده ، والسلفيون جمع سلفي نسبة إلى السلف، وقد تقدم معناه وهم الذين ساروا على منهاج السلف من أتباع الكتاب والسنة والدعوة إليهما والعمل بهما فكانوا بذلك أهل السنة والجماعة. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآلهوصحبهوسلم)(4). قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان(ونقول : هذا التفسير للسلفية بأنها مرحلة زمنية وليست جماعة تفسير غريب وباطل ، فهل يقال للمرحلة الزمنية بأنها سلفية ؟! هذا لم يقل به أحد من البشر ، وإنما تطلق السلفية على الجماعة المؤمنة الذين عاشوا في العصر الأول من عصور الإسلام والتزموا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ووصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : ((خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)) الحديث، فهذا وصف لجماعة وليس لمرحلة زمنية ، ولما ذكر صلى الله عليه وسلم افتراق الأمة فيما بعد قال عن الفرق كلها: ((إنها في النار إلا واحدة ))* ،ووصف هذه الواحدة بأنها هي التي تتبع منهج السلف ، وتسير عليه ، فقال : ((هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ... )) فدل على أن هناك جماعة سلفية سابقة، وجماعة متأخرة تتبعها في نهجها ، وهناك جماعات مخالفة لها متوعدة بالنار)(1).
    فالسلفية إذن على ثلاثة معاني(2) :
    1- سلفية زمانية:وتطلق على المجموعة المتقدمة من امة الإسلام؛ الصحابة وتابعيهم بإحسان من أهل القرون المفضلة المشهود لها بالفضل في حديث رسول الله(r).
    2- سلفية منهجية:حيث كان لهؤلاء المتقدمين منهج في فَهم الإسلام،هو المنهج الوحيد،ثم جدت مفاهيم أخرى نتيجة دخول الأعاجم في الإسلام ودخول الفلسفة،ومن ثم أصبحت السلفية علامة التزام منهج الصحابة وتابعيهم في فهم الإسلام دون المفهوم المُحدَث،فكل مَن التزم هذا المنهج فهو سلفي مهما تقدمت العصور فهي إذا ليست حزبا كما يتهم البعض وإنما صدق انتماء لمنهج السلف الصالح.
    3- سلفية مضمون:المنهج السلفي في أخذ النصوص وفهمها أثمر مواقف علمية وسلوكية وأهمها ما يتعلق بقضايا العقيدة المتعلقة بالله تعالى وسلطانه والقدر ونحوها،فمن التزم هذه المضامين مع ذلك المنهج فهو السلفي.
    فالدعوة السلفية تعني الرجوع إلى هدي السلف الصالح والعودة بالعقيدة الإسلامية إلى أصولها الصافية قبل نشوء الخلاف ،وتنقية مفهوم التوحيد مما علق به من أنواع الشرك،والأخذ بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح لهما في جميع مناحي الحياة،والتصدي للتيارات البدعية والمنحرفة عن فهم السلف الصالح،فهي حركة تطهير ترجع بالأمة إلى المنابع الأولى وتنقي الإسلام عن كل ماعلق به من خرافات وبدع وانحرافات،وهي دعوة موافقة لكل زمان على الدوام ،لأنها دعوة مخلصة إلى تجديد أمر هذا الدين،فهي مستمرة ودائمة حتى يرث الله الأرض وما عليها ولايمكن لها أن تنتهي لان التجديد واقع بأمر الله تعالى،لقوله(r)في الحديث الصحيح:(( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها )) (1).
    والدعوة السلفية ليست فهم الإسلام بفهم شخص من الناس كما يظن البعض ،فهي ليست فهم شيخ الإسلام ابن تيمية أو تلميذه الإمام ابن قيم الجوزية أو الإمام بن عبد الوهاب أو فهم العلامة عبد العزيز بن باز ،أو العلامة محمد صالح العثيمين ،أو العلامة ابن جبرين ،أو العلامة صالح الفوزان، أو الشيخ المحدِّث محمد ناصر الدين الألباني ، وغيرهم من المشايخ السلفية المعاصرين ولكن المقصود بالسلفية: المُحافظة على معتقد السلف وعلى فهم السلف للكتاب والسنة وعلى منهج السلف رضي الله عنهم ،فهؤلاء الأئمة والمشايخ جزاهم الله خيراً ينقلون فهم السلف الصالح للدين ويحافظون على المنهج القويم من التحريف.
    فالدعوة السلفية تعني المحافظة على ما مضى عليه سلف الأمة رضي الله عنهم وأتباع سبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين، ولا شك أنها الدعوة للتمسك بالسنة التي أمرنا بالتمسك بها رسول الله (r) فقال:(( عليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي))(2)
    فالسلفية هم أسعد الناس بإمامهم المصطفى(r) ، لأنهم لم يتخذوا إماماً دونه (r )، وعلماء المسلمين من السلف والخلف لا نتعصب لواحد منهم بحيث إننا نأخذ كل ما قال به ، ونترك ما خالفه ، لأن هذه المنزلة ليست لأحد بعد رسول الله (r )، فالله عز وجل يقول: ]وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا[ [سورة الحشرالاية7] . فالله تعالى تعبدنا بإتباع رسول الله (r)وهذه المنزلة لا يرتفع إليها أحد من الصحابة فضلاً عن الأئمة الأربعة وغيرهم من علماء الأمة.
    وهكذا يتضح لنا مفهوم المنهج السلفي ، وهو أن ندور مع الكتاب والسنة حيث دارا ، ونتعبد بإتباع رسول الله( r ) وأن تكون على فهم الصحابة للكتاب والسنة ، ولا تفهم الإسلام من خلال شخص غير معصوم ، فكل واحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله (r ).

    (1)–معجم مقاييس اللغة،لابن فارس 3/95

    (2)- لسان العرب،لابن منظور 9/158، دار صادر ،بيروت

    (3) – ينظر مختار الصحاح، محمد بن أبي بكر بن عبد القادرالرازي باب السين ص264، ومفردات القرآن الكريم للراغب الأصفهاني باب السين ص339

    (4)– معالم التنزيل ،الحسين بن مسعود الفراء البغوي أبو محمد 4/142


    (1)– ينظر كتاب تعريف الخلف بمنهج السلف،الدكتور إبراهيم بن محمد البريكان، ص12، دار ابن الجوزي،ط1 1418هـ، 1997م،وكتاب سلفية لاوهابية أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله الحصين،ط1عالم الكتب 1999/

    (2)– سنن ابن ماجة 2/1059

    (3)– مسند أحمد3/446،المعجم الأوسط للطبراني 4/96،مسند أبي يعلى الموصلي 13/124

    (4)– رواه البخاري 5/2392، ومسلم 4/1964

    (1) – موطأ مالك1/155،سنن الترمذي5/44،سنن ابن ماجة1/15،مسند أحمد4/126،سنن الدارمي1/57 ،صحيح ابن حبان1/178 وغيرهم

    (2) – الصحوة الإسلامية وهموم الوطن العربي والإسلامي ،الدكتور يوسف القرضاوي ص25

    (3)- كتاب الدرة العثيمينية بشرح فتح رب البرية بتلخيص الحموية ص150

    (4)- اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء،الفتوى رقم {1361} {1/165}

    *- رواه أبو داود (2/503،504) ، والدارمي (2/241) ، وأحمد (4/102) ، والحاكم (1/128) وقال الحاكم: هذه أسانيد تقوم بها الحجة في تصحيح هذا الحديث ، ووافقه الذهبي ، وقال الحافظ: وإسناده حسن ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: هو حديث صحيح مشهور ، وصححه الشاطبي في الأعتصام ، والألباني في الصحيحة رقم ( 204 ) .

    (1)-البيان فيما أخطأ فيه بعض الكتاب ،الشيخ صالح بن فوزان الفوزان ص133

    (2)– ينظر كتاب الاتجاه السلفي بين الأصالة والمعاصرة،الأستاذ راجح الكردي ص12-16، ط1،دار عمار الأردن.

    (1)– سنن أبي داود 2/512، المستدرك للحاكم4/567، المعجم الأوسط للطبراني 6/324

    (2)– سبق تخريجه ص5


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق