السبت، 3 يناير 2015

التسليم للنص الشرعي و الافكار المعاصرة

( التسليم للنص الشرعي والمعارضات الفكرية المعاصر )



بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

- ما دام الانسان حيًا فهو معرض للبلاء وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء(اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)
- التسليم للنص الشرعي التزام وانقياد يتبع كمال الايمان، فيزداد مع زيادة الايمان ويضعف مع ضعفه فكلما زادت في قلب المؤمن الخشية والتعظيم واليقين زاد تسليمه، وكلما ضعفت ضعف تسليمه و إن لم يخرج عن أصل التسليم.
- كمال التسليم من كمال العقل
- كلما بعد الانسان عن النص كثر ت عليه المعارضات وهي من الابتلاء الذي يمحص الله به المؤمنين.

((التسليم للنص الشرعي والمعارضة بالعقل))

"وظيفة العقل ومكانته في النص الشرعي"
١- أن العقل دليل موصل إلى الله ومقبل بصاحبه إلى الايمان به والخضوع تحت حكمه و طاعة رسله.
٢- أن المحافظة على العقل من الضرورات
٣- ان إعمال العقل جزء من أحكام الشريعة.
٤- معرفة قبح الأشياء وحسنها
٥- أن العقل هو أداة فهم الشريعة، وفهم النص يتجلى في أمور:
ا/فهم النص ابتداءً
ب/معرفة العلل والمصالح و الحكم والمقاصد التي جاءت بها النصوص و الدلائل الشرعية
ج/ دفع ما يظهر من تعارض بين النصوص
د/ تنزيل النص على الواقع
ه/ النظر في مآلات الأحكام
و/ معرفة درجة الحكم الشرعي
ز/ البحث و السؤال عن الحكمة والغاية من التشريع
٦- رحمة الله بالعقل فقد علم الله حاجته فأكره بالوحي الذي يرشده ويهديه

"مجالات تسليم العقل للنص الشرعي"

١- التسليم للمغيبات
٢- التسليم للأخبار الشرعية
٣- التسليم للأوامر و النواهي الشرعية
٤- التسليم للاحكام التعبدية
٥- رفض التسليم لأحد سوى الله
٦- التسليم للمصالح و المفاسد والمعاني و الحكم الشرعية

"الانحراف بالعقل عن التسليم للنص الشرعي"

من أحب أن يقدر العقل حق قدره فليضعه في مقامه الحقيقي
من أشكال الانحرافات ما يلي:
أولًا: تقديم العقل على النقل وهي ام الشبهات هنا والقاعدة التي تجري على لسان كل من في قلبه شك من أي نص شرعي وكلما ضعف التسليم والانقياد لله ورسوله عظمت هذه القاعدة.
ويجاب عنها:
١/ النظر يكون لقوة الدليل لا لنوعه
٢/ الدلائل النقلية ليست كلها ظنية
٣/ لماذا يقطعون في العقليات و يظنون في النقليات ليس الا لانهم اعرضوا عن دلائل الشريعة فماعادت تفيد في قلوبهم اليقين التي تفيده الدلائل العقلية
٤/ ليس كل عقل اصل لكل النقل بل لدليل محدد وهو ما يحصل به الايمان بالله ومايقع به التصديق لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم
٥/ التفريق بين معارضة النص ومعارضة ما يتوهم انه من النص
٦/ غياب شبهة معارضة الوحي بالعقل حتى عند الكفار
٧/ أن النقل أولى بالتقديم من العقل
ا- فالعقل مصدق للشرع في كل ما اخبر به و ليس النقل مصدقًا للعقل في كل ما اخبر به.
ب- انضباط الطريق لمعرفة المنقول واضطراب طريق المعقولات
ج- تقديم الدليل العقلي يبطل النقل و تقديم النقل لا يضر بالعقل
٨/ مفاسد القول بتقديم العقل على النقل
ا- العبث والحيرة وتكليف ما لا يطاق
ب- فقدان الثقه بالنقل
ج- الطعن في الرسالة
د- انقطاع طريق الهداية و الوصول الى الله فليس له الا طريق الفلاسفة العقلية او الصوفية بالوجد والكشف
""ولهذا تجد من تعود معارضة الشرع بالرأي لا يستقر في قلبه إيمان""ابن تيميه
ثانيًا: استقلال العقل فالعقل عاجز عن الاستقلال في التشريع فهو يجهل أشد الشروط الضرورية له.
فمن يترك الحق والاسلام و الهدى فهو متبع لهواه مع انه قطعًا لن يقول: اني متبع للهوى و الشهوةو بل سيتحدث عن دلائل عقلية وحجج وبراهين لكنها في الحقيقة أهواء وليست أدلة عقلية صحيحة؛لانها لو كانت أدلة صحيحة لما حجبت عنه نور الله ولا وضعت قفلًا على قلبه و غشاء على عينه ولأنقذته عن التردي في دركات الهلاك.
فالقرآن تجده يسمي دلائل الكفار بالأهواء(بل اتبع الذين ظلموا اهواءهم بغير علم) فهم متبعون لأهوائهم و إن كانوا يتكلمون فيما يظهر للناس بمنطق وعقل و حجج
وستصاب بالذهول حين تجد حديث القران الواسع عن الامراض و الاهواء و الشهوان التي تصد الكفار عن دين الله وتجعلهم يأبون الانقياد لله و رسوله صلى الله عليه وسلم وقطعًا أن هذه الاهواء ستكون مخفية مستترة تحت العقل و المنطق و الحجج التي يستترون بها.
ثالثًا: إنكار ما كان خارج الحس هذه كانت بسبب التأثر بالوافد اليوناني أو الاحتكاك بالثقافات المختلفة التي ابتلعتها الحضارة الاسلامية وبسبب ذلك وقعت الاشكالية في التعامل مع المعجزات و الكرامات التي جاءت بها الشريعة.
رابعًا: سلوك التقليد المذموم فالتقليد بلا بينة ولا برهان منافٍ لنعمة العقل ومن صور التقليد:
التعصب للمذاهب، ادعاء العصمة لأحد، الوقوع في الشرك و الخرافة واتخاذ الوسطاء شفعاء في الحياة ، وادعاء حق الاولوهية
خامسًا : القول بنسبية الحقيقة فكل يعتقد ان الحق معه، وكل لديه أدلة وحجج لنصرة مذهبه
والمسلم حين يجزم بالحق لا يجزم به لانه يعتقد أنه الشخص الوحيد الذي يبحث عن الحق بل يعرف أن كثيرا من الناس يبحثون عنه، وإنما جزم به للدلائل والبراهين التي لديه وهو يؤمن أن هذا نعمة من الله(يضل من يشاء ويهدي من يشاء)
سادسًا: تضييق الاستدلال بالنسة النبوية
فأول ضعف يبدأ في قلب المسلم في التسليم للنص الشرعي سيكون من خلال التهاون في شيء من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وللناس في ذلك مسالك منها: انكار السنة مطلقًا، انكار سنة الاحاد، نفي التشريع عن بعض السنة، الاعتماد على السنة العملية،
ومن الاخطاء المنهجية التي تكثر هنا: تقسيم السنة إلى تشريعية و غير تشريعية بتقسيم القرافي الشهير الذي ذكره في كتابه الاحكام
ومن كلام القرافي فهم بعض الناس أن الاحكام السياسية ليست ملزمة أو لا تدخل في التشريع لانها من تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم بالامامة وهو فهم خاطئ لان القرافي يقصد تصرف النبي صلى الله عليه وسلم باعتباره إماماً وليس في كل الشؤون السياسية
ومن ثم فإن القول بأن الاحكام الشرعية المتعقلة بالسياسة كلها من تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم بالامامة يعني إقصاء هذا بالباب بالكامل من التشريع وتعطيل كافة النصوص و الأحكام و الخلافات الواردة فيه وهذا تعدٍ نتج من سوء فهم من لم يتأن في قراءة كلام أهل العلم.
لذا قرر ابن عاشور أن الأصل في تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم في الامامة أنها للتشريع كالفتيا مالم يدل دليل على خلاف ذلك

((التسليم للنص الشرعي و المعارضة بفهم النص))

"المعالم الأساسية في دلالة النصوص الشرعي"

الغاية من النصوص هو العلم و العمل بها فالاتباع الحقيقي للدليل الشرعي يكون باتباع مدلوله و العمل بمعناه وتطبيق مراد الله
فايات القران واضحة بينة جلية قطعية يفهمها الانسان و يعرف مراد الله منها
وفهم هذه الايات يكون عبر فهم اللغة التي حملت هذه الايات
و المنهج الواضح القطعي الجلي الظاهر هو الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم و سار عليه صحابته و وضحه علماء الاسلام فاتخاذ فهم الصحابة و من سار على نهجهم معيارًا لضبط المفاهيم ضمان للوصول إلى مراد الله و مراد رسوله صلى الله عليه وسلم ودلائل القرآن تؤخذ من ظاهره

" الانحراف بفهم النص عن التسليم للنص الشرعي"

فمن مظاهر الانحراف:
١- التأويل المذموم
فالظاهرية مثلًا لا تستحضر مقاصد الشريعة ولا عللها و حكمها فيعتريها نقص في فهم مراد الشارع يؤدي إلى خطأ في تنزيل أحكام الشريعة على الواقع مما يجعل الحكم في الواقع لا يكون حسب مراد الله.
٢- القراءة الجديدة للنصوص الشرعية أو تجديد الدين أو تجديد التراث أو القراءة الحداثية
فحقيقة هذه القراءة أنها تأويل باطني حديث فهي قراءة لا تريد البحث عن النص و إنما تريد البحث من خلال النص لا تريد الاقتداء بالنص بل التخلص منه
وهذه ظاهرة قديمة والجديد فيها هو حجم الانحراف و الغلو و العبث في تأويل وتحريف النصوص الشرعية.
وثم معطيات تنطلق منها هذه القراءة
ا/ أن النص مفتوح التأويل لأي معنى فليس ثم معنى محدد بل هو فضاء لكل التأويلات.
ب/ أن النصوص لا يمكن أن يؤخذ منها معانٍ محددة
ج/ عدم مراعاة قيمة النص الشرعي
ه/ تجاوز ظواهر النصوص
ز/ انها تختلف بحسب كل قارئ
و/ أن النصوص محصورة في زمانها (تاريخية النص)
ح/ أن النصوص منتج للواقع الذي خرجت منه

ويمكن مناقشتهم بما يلي/
اولاً: ان هذه القراءة تختلف عن قراءة عموم المسلمين للنص
ثانياً: أن هذا المنهج قائم على تأويل النصوص عن طريق استخراج المعاني الباطلة من النصوص.
ثالثًا: لا تنطلق هذه القراءات من قواعد مطردة ولا أصول منهجية حتى يستطيع الانسان محاكمتها
رابعًا: ضابط التأويل في هذه القراءات يقوم على هوى من يفسر النص
خامسًا: ليس لكل أحد أن يحمل كلام القائل كيفما اتفق بل بحسب مراد ومقصد قائله
سادسًا : أن النصوص الشرعية حسب هذه القراءة لا معنى لها
سابعًا: حقيقة هذا التأويل أنه يبحث في التراث ليتخلص من النصوص التي لا تتوافق مع أهواء الثقافة القوية المتغلبة (الثقافة الغربية)
ثامنًا: حين تحترم ذات النص ولاتحترم الفهم فإن هذا في الحقيقة ليس احترامًا لشيء فقيمة النص في معناه ومفهومه
تاسعًا: أن فتح النص للمعاني والقراءات المختلفة يجعل كل قراءة بحاجة إلى قراءة وهذا هوس و ترف أدبي فارغ يمكن أن يكون في النصوص الشرعية
عاشرًا: يتحدث دائمًا أصحاب هذه القراءات عن الاجتهاد و أهمية التجديد الذي يعيد للفقه حيويته، وينشل المجتمع من الركود و التخلف ويساعد في مسايرة ركب الحضار والقضية سهلة لا تحتاج كل هذا الاحتهاد فالمطلوب أن يفتي الشخص بإباحة كل الملفات المعلقة وأن يجيز كل ما منعه أهل العلم
أخيرًا : فالنص الوحيد الذي يمارس عليه هذه الفوضوية هو النص الديني مع النص الادبي لكن مع هذا لا يمكن أن يتم مع النصوص القانونية مثلًا
& و المسلم لا بد أن يكون منجذبًا إلى ماضيه معظمًا له متبعًا له هذه هي خاصية النص و الدليل الشرعي فحين يأتي من يعيرك بذلك فهو في الحقيقة يكشف عن إشكالية حقيقة الإيمان في نفسه.
٣- ظنية الدلائل الشرعية و يمكن أن يناقش:
ا/ أن هذا مخالف لحجة الله التي أقامها على الناس
ب/ انه سبحانه بين لعباده غاية البيان و آمر رسوله بالبيان ، وان نقطع بأنه بين المعنى و اللفظ معًا بل عنايته بالمعنى أشد
ج/ أن النصوص لو كانت لاتدل إلا على الظن فكيف عرف الناس أمور الاخرة وتفاصيلها
د/ أن دلالة اللفظ مبناها على مراعاة المتكلم التي يقصدها بألفاظه.
ه/ أن من يقصد باللفظ خلاف ظاهره فهو مدلس ملبس.
و/ القرآن نقل اعرابه كما نقلت الفاظه و معانيه.
ز/ أن دلالة اللفظ تؤخذ من القرائن الدلالية التي تأتي في السياق
ح/ أن هذا القول لا يعرف قائله
ط/ أن كون الدليل من الأمور الظنية آو القطعية أمر نسبي يختلف باختلاف المدرك المستدل ليس هو صفة للدليل في نفسه.
ي/ نقول لك : اصرف عنايتك إلى طلب ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم و الحرص عليه و تتبعه و جمعه ومعرفة أحواله و سيرته و اعرض عما سواه
٤- الخلل في تصور مفهوم القطعي و الظني ونتج عن هذا الخلل
ا/ رد الاحاديث النبوية لانها ظنية
ب/ تسويغ الخلاف في الظنيات دون القطعيات
فمصطلح الظنيات لا يعني أنه حكم مباح يسع الانسان أن يفعل آو يتركه
ج/ تفسير الثوابت و المتغيرات بالقطعيات والظنيات
فالظنيات مندرجة ضمن الثوابت فهي ثابتة لا تتغير بتغير الزمان و المكان و الخلاف فيها راجع إلى تقدير النصوص فمحل السعة فيها هو أن يختار المجتهد أرجح ما يراه صوابًا لا أن تكون محل تغير مطلقًا.
د/ تقييد الاحكام الشرعية الملزمة بما كان قطعي الثبوت و الدلالة
فالتقسيم إلى قطعي و ظني لت يعني أن أحدهما من الشريعة والاخر خارج عنها فالقطع و الظن هو مدى قوة اعتقاد المسلم للحكم فقد يكون قطعيًا لايحتمله اي وارد وقد يكون ظنيًا يختلف بحسب علم الشخص وطلتعه على المسائل فيزداد عند أناس ويقل عند اخري
هـ/ تجديد القواعد الأصولية
فالعبرة من تغيير القواعد هو تغير النتائج فالمسلم لا ينطلق من القواعد إلى النتائج و إنما يحدد النتائج التي يريدها من قبل ثم يحرك القواعد التي لا توصل لهذه النتائج و يستدل بما يناسب.
و/ تحريف الأحكام الشرعية
ونتيجة للانحراف في فهم النص الشرعي وتسلل المناهج المنحرفة تبدأ الأحكام الشرعية بالتهاوي و السقوط بأدنى عارض ولأقل سبب يرد في الذهن وتبدأ أساليب التأويل و التقييم و الحصر التي تخرجه عن ظاهره و مقصوده.
((التسليم للنص الشرعي و المعارضة بالواقع))
"المعالم الأساسية لمراعاة الشريعة للواقع"
الشريعة تجمع بين مراعاة الواقع ومتغيراته وبين الأصول و الكليات و الأحكام الشرعية فالتغيرات التي تطرأ على واقع الناس لا تلغي اعتبار الثوابت و الأصول و القيم الشرعية فليس كل شيء في الانسان يتغير فثم تغير ظاهر في الانسان و ثم ثبات ظاهر أيضًا. ومن المعالم ما يلي:
أولًا/ بناء الشريعة على ما يحقق مصالح الناس
فالمصلحة في الشريعة تنطلق من اعتبار الشريعة هي الأصل الذي تدور حوله المصالح فهي مرشدة للمصالح وهي في نفس الوقت ضمان لأي تجاوز أو تعد عليها.
ثانيًا / مراعاة متغيرات الواقع عن طريق منهجية منها:
١- توسيع دائرة الاباحة
٢- مراعاة العرف ومن أوجه اعتباره( اعتباره في فهم النص،وتحديد الأحكام الشرعية المطلقة، و الاحكام الشرعية المعلقة بالعرف)
٣- مراعاة الضرورة
٤- مراعة الحاجة
٥- اعتبار مآلات الفعل بالذرائع فتحًا ومنعًا و مراعاة الخلاف و الاستحسان و الاقدام على المصالح الضرورية و الحاجيةً
إذ قد يحصل بتطبيق بعض الأحكام ما يحيلها عن مقصدها الشرعي إما فعلا أو نية كما هو في الحيل إذ هي مقاصد قلبيه خفية لا يمكن أن يكتشفها أحد.
ثالثًا/ ضرورة فهم الواقع فهو مهم لفهم الحكم الشرعي

"الانحراف عن التسليم للنص الشرعي بدعوى الواقع"

أولًا: تقديم المصلحة على النص، وهو من أكبر الشبهات التي يعارض بها النص
ويعتمد في ذلك على الطوفي الاصولي الحنبلي لكن القول بتقديم المصلحة على النص في فقه الطوفي يختلف تمامًا عن تقديم المصلحة على النص في فقه هؤلاء المعاصرين؛ لأن المصلحة حسب معايير الطوفي تختلف عن المصلحة حسب معاييرهم و عمليًا لم يذكر الطوفي أي مثال لهذه القاعدة حتى تتضح حقيقة المقال مما يعني أنه ربما يقصد تقديم المصلحة الضرورية أو الحاجية على نص ظني يحتمل دلالات عدة.
ثانيًا: تحريف الأحكام لتغير الزمان و المكان
وهي قاعدة فقهية قد أسيء فهمها فأهمية الواقع و معرفته يجب أن تكون على شرط تحقيق تنزيل الحكم الشرعي وليس بأن يفصّل الحكم على مقاس الواقع فمثل هذا لا يجعل لفقه الأحكام من فائدة لأن الواقع لا يخفى على الناس فلا حاجة للاجتهاد إذن.
ثالثًا: ربط الأحكام الشرعية بظروف خاصة لا يمكن تطبيقها حاليًا كتحريم ولاية الكفار على المسلمين وحد السرقة و الجهاد في سبيل الله و سنة النبي صلى الله عليه وسلم و سياسة الرسول صلى الله عليه وسلم وحد الردة ومفاهيم العصر الأول كافة هي خاضعة للمتغيرات و رابطة الدولة الاسلامية و التفريق بين المسليمن و الذميين وهذه نماذج من حركة تحريف لا تتوقف تنفي الاحكام الشرعية بربطها بواقع معين وكل إنسان يحدد هذا الظرف بما يشاء من دون منهج محدد و لاعلل منضبطة
رابعًا: إغلاق باب الاجتهاد
فليس من شرط معرفة الدليل أن يكون المسلم مجتهدًا مطلقًا فالاجتهاد بحسب الطاقة و المسلم يتعبد الله بما يغلب على ظنه،
وكثيرًا ما تجد العلماء في مصنفاتهم جمعوا بين فساد التقليد وابطاله و بين زلة العالم ليبينوا بذلك فساد التقليد و أن العالم قد يزل ولا بد إذ ليس بمعصوم، كما أن هذا الاصل الفاسد سيرسخ في نفس المتلقي على المدى البعيد أن ينشغل بكلام الرجال و يعتني بتحريرها و فهمها و شرحها أضعاف ما يفعل مثله مع كلام الله و كلام رسوله صلى الله عليه وسلم و هذا الامر سيهون في نفسه شعر أم لم يشعر من أمر تأويل النصوص التي لا تستقيم مع الأقوال التي يتعصب لها و التي ألزم نفسه بعدم الخروج عنها.
خامسًا: الاستدلال بالواقع على الحكم الشرعي، ونتج عن ذلك إشكاليتان:
١/ الاستدلال بالأحداث التاريخية على الأحكام الشرعية فيحكم بمشروعية عمل ما اعتمادًا على أنه وقع في التاريخ الإسلامي كمثل من يستدل لمشروعية تولي المرأة للخلافة أو الرئاسة العظمى بعدة وقائع في التاريخ الإسلامي تولت فيها المرأة الولاية العامة وهذا خطأ بين فقد وقع في التاريخ الكثير من المظالم و المحرمات و الشركيات فهل تتحول هذه الأمور لقضايا شرعية؟!
٢- الاستدلال بالإرادة القدرية على الإرادة الشرعية
فيخطئ البعض حين يظن أن وجود الآراء في الواقع يجعل لها مشروعية فما دام أن الناس يختلفون في آرائهم قهذا دليل على مشروعية تقبل هذه الآراء! و التعددية قدرًا لا تعني التعددية شرعًا.

((التسليم للنص الشرعي و المعارضة بالمقاصد ))

"تمهيد في التعريف بعلم المقاصد وحجيته وأنواعه"

أ/ تاريخ المقاصد:
التعليل هو الجذع الأساسي للمقاصد، وبناء عليه فالنظر الفقهي للمقاصد يفترق عن نظرين لهما موقف في التعليل
(نفاة التعليل:،والمدرسة الظاهرية)
و أول من دون في المقاصد أبي المعالي الجويني في[غياث الأمم في التياث الظلم]ثم ابو حامد الغزالي ثم الرازي فالامدي ثم القرافي فابن تيمية و ابن القيم و الطوفي و ابن الحاجب والبيضاوي وابن السبكي ثم جاء الشاطبي فجمع كل هذه الجهود و أعمل فيها عبقريته الأصوليية الفذة فنقل علم المقاصد نقلة نوعية بارزة في تأليفه لـ(الموافقات).
ب/ حجية العمل بالمقاصد:
بما انها تعتمد على العلل فإن شرعية الأخذ بالعلل و المعاني أمر ميسور لتعاضد وتنوع الأدلة الشرعية على مشروعية هذا الأمر مثاله:قوله تعالى(إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر)
ج/ أنواع المقاصد:
تنقسم لأنواع عديدة حسب الجهة.

"معالم التسليم للنص الشرعي في المقاصد"

ا/ تعريف المقاصد الشرعية: هي الغايات التي وضعت الشريعة لأجل تحقيقها لمصلحة العباد
ب/ كيف تعرف المقاصد:
عن طريق(الاستقراء، وتتبع الأوامر والنواهي الشرعية، واستخراج علل الأوامر و النواهي من النصوص، وسكوت الشارع عن الحكم مع قيام المقتضى و توافر الشروط وانتفاء الموانع ، دراسة واستقراء فقه الصحابة)
ففي الطريق الأول لا بد من تتبع النصوص وفي الثاني جعل النص الشرعي دليلًا، وفي الثالث في استخراج العلل من خلال النصوص فالقراءة في ذات النص لا خارجه، و في الرابع متعلق بالنظر في النصوص الشرعية حتى في المسكوت عنه، وفي الخامس يقدم فهم الصحابة ومنهجهم طريقًا معتبرًا لاستخراج المقاصد.
وكلما كان المسلم أقرب لله وأكثر ذكرًا و أدوم نظرًا في كلامه و كلام رسوله صلى الله عليه وسلم كان أقرب لإدراك هذه المقاصد. و ذكر الله يعطي الإيمان وهو أصل الايمان.
ج/ ثمرات المقاصد:
منها تحقيق التوازن في الأحكام و عدم الاضطراب.
د/ مجالات عمل المقاصد:
١- فهم النصوص و تفسيرها ومعرفة دلالتها
٢- الترجيح بين الأدلة المتعارضة و التوفيق بينها
٣- معرفة أحكام الواقع التي لم ينص عليها.
٤- تنزيل الأحكام الشرعية على الظروف المكانية و الزمانية.
٥- تقوية لجانب الارتباط بالنص الشرعي من خلال التحاكم إلى المقاصد الشرعية
٦- النظر في مآلات الأفعال.
إذن فمبدأ المقاصد قائم على تسليم تام للنص.
هـ/ ضوابط العمل بالمقاصد الشرعية
١- أن تكون المقاصد مستقرأة من النصوص و الأحكام الشرعية
"كل لذة أعقبت ألمًا في الدار الآخرة أو منعت لذة الآخرة فهي محرمة"
٢- عدم معارضة النص الشرعية فلا يصح أن تأتي مقاصد ترجح على النص الشرعي بالإبطال.
٣- اعتبار اللسان العربي
٤- العلم بالأحكام الشرعية
و/ علاقة المقاصد بالأدلة الشرعية
لا يتصور حصول تعارض حقيقي بين أي من الأدلة ومقاصد الشريعة

"الانحراف بالمقاصد عن التسليم للنص الشرعي"

حين تبتعد المقاصد عن النص و علله فإنها لاتكون مقاصد للشريعة بل انحراف وابتعاد عنها
فاتباع النص الشرعي هو الميزان الدقيق لضبط الطريق الذي تسير عليه المقاصد، ومن مجالات الانحراف:
١- تعليق تطبيق الأحكام الشرعية على أوصاف غير شرعية
فبعضهم يشترط بمن انه لا بد لتطبيق الشريعة من وجود مجتمع مثالي
٢- إنكار الأحكام الشرعية بدعوى مخالفة المقاصد كالحدود الشرعية ومن أظهر الحدود التي جرى عليها الانحراف حد الردة و الربا.
٣- ترك النظر في الدليل و الأخذ بأي قول فقهي احتجاجًا بمقصد يسر الشريعة !
٤- الدعوة إلى تجديد المقاصد الشرعية، والتجديد ليس خطأ في حد ذاته بل إن كان التجديد يتنافى مع أحكام الشريعة
٥- بناء الفقه على المقاصد دون الفروع
فيظن الكثير أن المقاصد في الكليات دون الجزئيات وهذا خطأ لأن المقاصد منتزعة من الفروع و ليست شيئًا آخر خارج عن المنظومة الفقهية فالمقاصد هي خلاصة الفروع الفقهية وليست ملاذًا للهروب من ضيق الأحكام الفقهية التفصيلية
٦- إخضاع المقاصد للواقع لا للنص وهذا خطأ فالمسلم يصوغ واقعه بما يتوافق مع الشريعة و بما لا يخالف أحكامها، أما أن يكون الواقع هو الذي يوجه النصوص الشرعية ويحدد الأحكام المناسبة لها فهذا نقلاب في الرؤية تغدو فيه الشريعة إنعكاسًا لما يراد منها لا نورًا يهتدى به ودليلاً يسترشد به وحين يكون في الواقع حاجة أو ضرورة أو متغيرات فهذه أمور مراعاة في التشريع وليست شيئًا خارجًا عنه.

(( التسليم للنص الشرعي و المعارضة الفقهية بالخلاف الفقهي))

"تمهيد في نشأة الخلاف الفقهي و دوافعه"

اتباع النص الشرعي محل اتفاق قطعي و يقيني لكنهم اختلفوا إما لعدم بلوغ النص، أو عدم معرفة الدلالة الخ

"معالم التسليم للنص الشرعي في الخلاف الفقهي"

أ/ تعظيم الفتيا
ب/ عدم تقديم شيء على كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم
ج/ الخلاف ليس بحجة شرعية
و فهم البعض أن الفقهاء اذا اختلفوا فمعناه أن المسألة فيها سعة و رحمة و أن لكل أحد أن يأخذ بما شاء من الأقوال و كأن من شرط التحريم على هذا التفكير أن يكون الحكم مجمعًا عليه فإذا اختلف الفقهاء فهذا يعني أن الحكم مباح
قال الشاطبي:"وقد زاد هذا الأمر على قدر الكفاية حتى صار الخلاف في المسائل معدودًا من حجج الاباحة و وقع فيما تقدم و تأخر من الزمان الاعتماد في جواز الفعل على كونه مختلفًا فيه بين أهل العلم".
ولهذا قيل: من أقدم على قول غير عالم بقول المانع و لا المجيز فهو آثم لأنه يجب عليه أن يقدم عليه قبل أن يعرف حكم الله فيه
قال عبد الله بن المعتز:" زلة العالم كانكسار السفينة تغرق و يغرق معها خلق كثير"
وهناك قاعدة قررها العلماء وهي انه يحرم التساهل في الفتوى واستفتاء من عرف بذلك
فالعبرة باتباع الدليل و ليس مجرد وجود الخلاف وحينها فلا يسع الانسان أن يتخير من الأقوال ما يشاء ولا أن يختار الاباحة من أي مسألة يرى فيها خلافًا؛ لأن هذا اتباع للهوى
د/ التحذير من اتباع الهوى فلذا/
- نهى العلماء عن تتبع الرخص
- و عن أن يكون اختلاف الفقعاء سبيلًا لأن يتخير المستفتي ما يشاء من الأقوال الفقهية من غير اجتهاد ولا تقليد مباح.
- ولا يجوز للسائل أن يختار أخف القولين عليه لأن هذا مؤد إلى إيجاب إسقاط التكليف فإن التكاليف كلاها شاقة ثقيلة ولذلك سميت تكليفًا من الكلفة و هي المشقة
- ولا يعمل السائل بالفتوى مالم يطمئن قلبه لها
- ولا يجيب المفتي سائًلا عرف من حاله أن يريد الهوى
- ولذا ذمت الحيل في الدين
- واذا ثبت في المسألة نص واضح فلا يجوز له ترك الافتاء إن كان ثم نص في المسألة بسبب أنه مخالف لغرض السائل

"الانحراف بالخلاف الفقهي عن التسليم للنص الشرعي"

الأصل في الخلاف أن لا يكون سببا لأي انحراف عن التسليم للنص الشرعي، لكن مما جر لذلك عدد من الامور:
١/ التعصب الفقهي
٢/ الاختلاف و التفرق فمسائل الفقه من مسائل الاسلام فالواجب أن لا تكون سببا للتفرق والاختلاف فالتفرق مذموم (ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا)
٣/ الاكتفاء بالمجمع عليه و ترك المختلف فيه
فالاستهانة بأمر الخلاف الفقهي تؤدي إلى نتائج و لوازم شنيعة حتى يغيب الدليل الشرعي عن نظر المسلم و يكون بحثه عن الخلاف بل ربما يبحث عن خلاف حتى يتجاوز الدليل!
٤/الترخص واتبع الهوى
فمن يتعمد سؤال من عرف بتساهله وتسامحه و من يرى انه في سعة ما دام في المسألة خلاف فهو متبع لهواه
٥/ التسوية بين الخلاف البدعي و الخلاف الفقهي
فالخلاف الفقهي خلاف علماء و أئمة ينطلقون من النص و يعظمون الدليل و يسيرون على بينة ومنهج معتدل بخلال مناهج البدع القائمة على تعظيم العقل و الاستخفاف بالسلف واتباع الهوى.
و الأدلة تتسع للخلاف الفقهي و لايمكن أن تتسع للخلاف البدعي؛لأن الخلاف الفقهي ينطلق منها و لوخالف بعض الأدلة فهو خلاف قريب منه بخلاف الخلاف البدعي فهو خلاف في أصولها وقطعياتها.
٦/ التهاون في باب الإفتاء والاجتهاد
ومن صور التهاون استفتاء المتهاون في الفتيا أو غير المشهور بعلمه وتقواه وكثيرًا ما يسأل الناس أي شخص يرونه لمجرد هيئته !
٧/ نفي الإنكار في مسائل الخلاف مطلقًا
فالأصل: أن العبرة بالنص الشرعي فما ثبت فيه نص شرعي ظاهر و لم يكن له معارض فينكر و لوكان فيه خلاف فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم علق حكم الإنكار على "من رأى منكم منكرًا" فهذا منكر فما الذي يجعله معروفًا يسكت عنه؟
ومراد من ذهب إلى قاعدة (لا إنكار في مسائل الخلاف) المسائل الاحتهادية، لا الخلافية والفرق بينهما: أن المسائل الاجتهادية هي ماتجاذبه أصلان شرعيان صحيحان أو ما ليس فيه دليل يجب العمل به ظاهرًا أو تعارض نصان أو كان النص ليس محل اتفاق في دلالته.
والفهم الخاطئ لهذه القاعدة صار ذريعة كبيرة لسد باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
ففرق بين أن يكون معيار الإنكار هو النص وبين أن يكون المعيار هو الخلاف و الاجماع، كما أن هذا كفيل بإظهار النص و إشهاره وتعريف الناس به.
وقد يطرح سؤال وهو أن كل شخص يدعي أن الحق و الصواب معه و انما كان خلافهم في فهم النص فالكل ينكر على الاخر ما يراه هو نصًا ؟
الجواب عليه من وجهين:
١- ليس كل من يختار قولًا يكون معه نص صريح ظاهر فيه بل أكثر الخلافات الفقهية لاتعتمد على نصوص قاطعة.
٢- أن الانكار إنما يكون لمن خالف النص القطعي و النصوص القطعية لا تتعارض فلا يمكن أن يكون ثم دليلان قطعيان في المسألة متعارضان

خاتمة البحث:

- ضغط المفاهيم الوافدة يؤثر على تسليم المؤمن للأحكام والنصوص ويهون من شأن إنكارها أو تأويلها وهو ما يجعل حركة التأويل تنشط في بعض الأحكام دون بعض حسب ظروف كل عصر.
- وعظ القلوب وتذكيرها بالله له أثر عميق في إصلاح النفوس الذي يؤدي إلى إعادة بناء الأدلة العقليةلتبدو في الاتجاه الصحيح اتجاه التسليم للنص.
- الدليل العقلي سبب لدخول الانسان في الاسلام الذي يؤدي إلى تزكيته و تطهيره بالخضوع والانقياد و العبادة وهي مقامات أعظم من مجرد فهم الدليل.
- وجود الاختلافات قدرًا لا يجعلها سائغة شرعً فالإرادة القدرية الكونية لا تستلزم الإرادة الشرعية المتعلقة بالمحبة و الرضا.
- القواعد المجملة التي توضع في فهم الشريعة و تفسير أحكامها تؤدي إلى إضعاف التسليم للنص الشرعي وتتسب في دخول كثير من الانحرافات من خلالها.
- القراءة الشرعية للنصوص هي القراءة التي تبحث عن مراد النص وليست التي تريد البحث عن أمور أخرى من خلال النص
- التأويل العبثي للنص لا يختلف عن إنكار النص بل هو أخطر منه لما فيه من التدليس و التلبيس.
- الانتقاص من فقه السلف و عملهم ذريعة لإضعاف العلم الذي نقلوه.
- القطعي و الظني كلاهما من الأحكام الشرعية واختلافهما راجع لدرجة قوة الدليل فلا يسوغ ردّ شيء من السنة النبوية بدعوى الظن ولا جعل القضايا الظنية محل اجتهاد مطلقًا.
- الثوابت تشمل القطعيات والظنيات والمتغيرات هي للأحكام التي علقت بناءً على عرف.
- ليس من شرط الأحكام القطعية أن يكون ثم إجماع عليها فبعض القطعيات وقع فيها خلاف.
- الأصول الفقهية وضعت بناءً على استخراج و فهم الدليل و أي قراءة لا تستحضر هذا الأصل قراءة خارجة عن النص.
- ضرورة مراعاة الصياغات في توضيح الأحكام الشرعية فالعبارات الخاطئة في تقديم شيء على النص الشرعي تؤدي إلى إضعاف التسليم في نفوس الناس ولو كان الشخص يقصد معنى حسنا.
- تغير الأحكام بتغير الأزمان إنما يكون في الأحكام التي بنيت على الأعراف و العادات والمصالح المتغيرة ولا يكون في الأحكام المستندة إلى نصوص الكتاب و السنة.
- التشدد في إغلاق باب الاجتهاد خشية التفلت يقوم في إضعاف التسليم بنفس الدور الذي يقوم به التهاون في فتح الاجتهاد
- من يأخذ بالمقاصد بدون جزئياتها فهو يعمل بمقاصد النفوس و الأهواء و ليس بمقاصد الشريعة.
- التشديد في و ضع شروط لتطبيق بعض أحكام الشريعة حتى يكون التطبيق بسببه مستحيلًا يقوم بذات الدور الذي يقوم به من ينفي الحكم الشرعي.
- التجديد الذي يراد به إضافة مقاصد جديدة لتكون كالمقاصد الشرعية السابقة يحتاج لأن تكون مقاصد ثابتة منضبطة مطردة مستقرأة من نصوص الشريعة وهو ما لايوجد في هذه المقاصد.
- تعظيم الفتيا سبيل عظيم لتعزيز التسليم في النفوس وضمان لقطع الوسائل التي تضعفه.
- لا إنكار في مسائل الخلاف الاجتهادية التي لم يرد فيها نص صحيح ظاهر.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
وأستغفر الله من الخطأ

أ.هـ

الأحد، 21 ديسمبر 2014

الردود السلفية على الاعلامية ريهام سعيد الابليسية

اولا لن نتعرض شخصية مذيعة البرنامج و لا علاقاتها باركان الفساد و لا بالقناة التي اذاعت البرنامج و لا الشخص الذي اتوا به كراقي او شيخ لاخراج الجن فكل ذلك اصلا على فرع اذا ابطلنا اصل انقضى و انتهى الفرع و الاصل هنا مسألة السحر و الرقية و المس و علم الغيب عن وقوع سحر لفلان او بالمكان الفلاني ا وان من عمله فلان و غيرها من مغيبات لا يعلمها الا الله هذا هو مدار بحثنا الشرعي و قد جمعت لكم فتاوى متعلقة بتلك النقاط لنقضي على ضلال تلك الافاقة من قواعده و الله المستعان
الاستعانة بالجن في العلاج والقراءة في الماء .
السائل :
هذه الأمور السحرية والصرع بالطريقة الشرعية التي وردت في الأحاديث .
فبعض الجني يخرج من الإنس ثم يعود مرة أخرى فأستخدم معه أسلوب الشدة وبأتي بشريطة باكتب عليها بعض الآيات من سورة البروج والعشر آيات الأوائل من الصافات وآية الكرسي وأحرق هذه الشريطة وأنا أقرأ فيها الآيات .
فعن تجارب لا يعود الشيطان إلى المريض بعد ذلك .
وهناك نفس الأسلوب أجيب الماء مثلا أو الزيت وباقرأ عليها وأعطيه للمريض وأسقيه بدون تسمية حتى لا يسمي ولكن أثناء حضور الشيطان أو الجني اللي لابس الشخص .
يعني أثناء الشرب وهو بيشرب يكون الجني موجود يعني ما بيكون الشخص نفسه هو اللي يشرب يكون الجني موجود فما الحكم في ذلك .
الشيخ :
لا شك أن الحكم في هذه الصورة التي وصفتها هو من الأمور التي تدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام ( وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار )
من الملاحظ في هذا الزمان . زمن تكاثر الفتن وتنوعها أن من هذه الفتن انتشار دعاوى تسلط الجن على الإنس من جهة .
وادعاء وجود ناس يسمون أيضا بغير أسمائهم مشايخ يعالجون هؤلاء المصابين بالجن .
نحن لا ننكر طبعا في نصوص الكتاب والسنة والسلف الصالح تسلط الجن على الإنس بما يسمى ما يشبه الصرع مثلا وقد لا يقترن معه صرع ظاهر هذه حقيقة لا ننكرها .
لأنه ثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عالج بعض من كانوا أصيبوا بمس الجن لهم .
لكننا ننكر كل وسيلة تحدث في هذه القرون أو في هذا القرن الأخير ومن ذلك ما وصفت من الآيات التي تكتب ثم تحرق ونحو ذلك .
فأنا أعظ كل مسلم يتبنى معنا وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة .
ويتبنى معنا ( خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم ). ويتبنى معنا قول أصحابه الكرام ( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق )ننصح كل مسلم يشاركنا في الإيمان بهذه الأسس وبهذه القواعد الإسلامية أن لا يزيد في معالجته مشاكل تلبس الجن بالإنس إلا بتلاوة القرآن لا أكثر من ذلك إطلاقا .
ولا يجوز مكالمة الشيطان المتلبس بالإنسان ولا استنباؤه واستخباره عن السحر الذي به سحر هذا المسحور مثلا وأين هذا السحر لأن هذا يدخل في الاستعانة بالجن .
ولا شك أن الاستعانة بالجن هو شر من الاستعانة بالكفار الذي وقع في هذا الزمان .
ذلك لأن الله عز وجل يقول في بيان سبب من أسباب ضلال المشركين الذين بعث إليهم الرسول عليه الصلاة والسلام قال {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً }الجن6
الاستعانة بالجن هو طلب العون منهم . طلب العلم منهم . طلب العلاج منهم .
فلا يجوز إذن ما ابتلي به كثير من الشباب وفيهم أشخاص نعرفهم متمسكون بإسلامهم لكن رأيتهم متمسكين بإسلامهم كتلك المرأة التي تقتصر على الخمار دون الجلباب أو تقتصر على الجلباب دون الخمار ولا تجمع بين الأمرين .
ولذلك فنحن ننصح هؤلاء الشباب المسلمين الذين معنا بالخط الذي ذكرناه ببعض أصوله وقواعده آنفا
أن لا يزيدوا في معالجة المصروع أو المصاب بمس من الجن بأكثر من قراءة آيات من القرآن الكريم .


شريط رقم 518

" حكم التعامل مع الجن "

السؤال:
ما حكم التعامل مع الجن؟

جواب الشيخ الألباني :
"
أقول:التعامل مع الجن ضلالة عصرية ، لم نكن نسمع من قبل - قبل هذا الزمان-
تعامل الإنس مع الجن،ذلك أمرٌ طبيعي جداً، ألّا يمكن تعامل الإنس مع الجن باختلاف الطبيعتين؛
قال عليه الصلاة والسلام تأكيداً لما جاء في القرآن: ( خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ )
وزيادة على ما في القرآن قال عليه السلام: (خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من نار، وخلق آدم مما وصف لكم)
فإذن البشر خلقوا من طين والجان خلقوا من نار ،فأنا أعتقد أن من يقول بإمكان التعامل مع الجن مع هذا التفاوت في أصل الخلقة، مثله عندي كمثل من قد يقول -وما سمعنا بعد من يقول – ماذا ؟!!
تعامل الإنس مع الملائكة.
هل يمكن أن نقول بأن الإنس بإمكانهم أن يتعاملوا مع الملائكة؟ الجواب: لا. لماذا؟
نفس الجواب : خلقت الملائكة من نور وخلق آدم مما وصف لكم، أي: من تراب،فهذا الذي خلق من تراب لا يمكنه أن يتعامل مع الذي خُلق من نور .
كذلك أنا أقول : لا يمكن للإنسي أن يتعامل مع الجني بمعنى التعامل المعروف بيننا نحن البشر،
نعم . يمكن أن يكون هناك نوع من التعامل بين الإنس والجن، كما أنه يمكن أن يكون هناك نوع من التعامل بين الإنس والملائكة أيضاً، لكن هذا نادر نادر جدا جداً،
ولا يمكن ذلك مع الندرة إلا إذا شاء الملك وشاء الجان.
أما أن يشاء الإنس أن يتعامل معاملة ما مع ملك ما فهذا مستحيل ،
وأما أن يشاء الإنس أن يتعامل مع الجني رغم أنف الجني فهذا مستحيل؛
لأن هذا كان معجزة لسليمان عليه الصلاة والسلام،
ولذلك جاء في الحديث الصحيح في البخاري أو مسلم أو في كليهما معا:أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (قام يصلي يوماً بالناس إماماً، وإذا بهم يرونه كأنه يهجم على شيء ويقبض عليه، ولما سلّم قالوا له: يا رسول الله! رأيناك فعلت كذا وكذا، قال: نعم. إن الشيطان هجم -أو قال عليه السلام هذا المعنى- علي وفي يده شعلة من نار يريد أن يقطع علي صلاتي، فأخذت بعنقه حتى وجدت برد لعابه في يدي، ولولا دعوة أخي سليمان عليه السلام : { رَبِّ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي } لربطته بسارية من سواري المسجد حتى يصبح أطفال المسلمين يلعبون به)
لكنه عليه الصلاة والسلام تذكر دعاء أخيه سليمان عليه السلام: { رَبِّ َهَبْ لِي مُلْكاً لايَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي } ، لولا هذه الدعوة لربطه الرسول، لكنه لم يفعل؛ لأنه أطلق سبيله برغم أنه أراد أن يقطع عليه صلاته
فالآن ما يشاع في هذاالزمان من تخاطب الإنس مع الجن، أو الإنسي المتخصص في هذه المهنة زعم أن يتخاطب مع الجني، وأنه يتفاهم معه، وأنه يسأله عن داء هذا المصاب أو هذا المريض وعن علاجه، هذا إلى حدود معينة يمكن،
لكن يمكن واقعياً ولا يمكن شرعاً؛
لأن ليس ما هو ممكن واقعاً يمكن أو يجوز شرعاً..
يمكن للمسلم أن ينال رزقه بالحرام، كما ابتلي المسلمون اليوم بالتعامل بالربا معاملات كثيرة وكثيرة جداً، لكن هذا لا يمكن شرعا هذا لا يجوز شرعاً، فما كل مايجوز واقعاً يجوز شرعاً.
لذلك نحن ننصح الذين ابتلوا بإرقاء المصروعين من الإنس بالجن، ألا يحيدوا أو ألا يزيدوا على تلاوة القرآن على هذا المصروع أو ذاك في سبيل تخليص هذا الإنسي الصريع من ذاك الجني الصريع -صريع اسم مفعول، اسم فاعل-
ففي هذه الحدود فقط يجوز، وما سوى ذلك فيه تنبيه لنا في القرآن الكريم على أنه لا يجوز بشهادة الجن الذين آمنوا بالله ورسوله،
وقالوا كما حكى ربنا عز وجل في قرآنه :
وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْالإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً [الجن:6]
وكانت الاستعاذة على أنواع،

الآن ما فيه حاجة للتعرض لها المهم أن الاستعانة بالجن سبب من الأسباب لإضلال الإنس؛ لأن الجني ما يخدم الإنسي لوجه الله، وإنما ليتمكن منه لقضاء وطره منه بطريقة أو بأخرى.
لقد كنا في زمن مضى ابتلينا بضلالة لم تكن معروفة من قبل، وهي استحضار عفوا التنويم المغناطيسي ، فكانوا يضللون الناس بشيء سموه بالتنويم المغناطيسي، يسلطون بصر شخص معين على شخص عنده استعداد لينام ثم يتكلم -زعم- في أمور غيبية،ومضى على هذه الضلالة ما شاء الله عز وجل من السنين تقديراً،
ثم حل محلها ضلالة جديدة وهي استحضار الأرواح، ولا نزال إلى الآن نسمع شيئاً عنها، ولكن ليس كما كنا نسمع من قبل .
ذلك لأنه حل محلها الآن الاتصال بالجن مباشرة لكن من طائفة معينين، وهم الذين دخلوا في باب الاتصال بالجن باسم الدين،
وهذا أخطر من ذي قبل،
فالتنويم المغناطيسي لم يكن باسم الدين وإنما كان باسم العلم، استحضار الأرواح كذلك لم يكن باسم الدين إنما كان باسم العلم أيضاً.

أما الآن فبعض المسلمين وقعوا في ضلالة الاستعانة بالجن باسم الدين،
أن الرسول عليه السلام ثبت عنه أنه قرأ بعض الآيات على بعض الناس الذين كانوا يصرعون من الجن فشفاهم الله، هذا صحيح؛
لكن هؤلاء بدءوا من هذه النقطة ثم وسعوا الدائرة إلى الكلام :
هل أنت مسلم ؟
لا ماني مسلم .
ما دينك؟
نصراني يهودي بوذي؟
وبعد ذلك يقولون له: أسلم تسلم،
و يقول: أشهد أن لا إلهإلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله،
آمن الإنس بكلام الجني وهم لا يرونه ولا يحسون به إطلاقاً،

نحن نعيش اليوم سنين طويلة نتعامل مع بني جنسنا -إنسمع إنس-سنين. وبعد كل هذه السنين يتبين لك أن الذي كنت تعامله كان غاشاً لك، فكيف تريد أن تتعامل مع رجل من الجن لا تعرف حقيقته؟ ويقول لك: أسلمت،ويقول لك سلفا : أنا مؤمن، وأنا في خدمتك، ماذا تريد مني؟ أنا حاضر. هذا نسمعه كثيراً،
سبحان الله!
من هنا يدخل الضلال على المسلمين كما يقال: (وما معظم النار إلا من مستصغر الشرر).
بدأنا مهنة نتعاطها في استخراج الجن من الإنس وتوسعنا فيها حتى صارت واسعة.

أخيرا جاء هذا السؤال . سؤال: هل يمكن التعامل مع الجن؟ الجواب لا يمكن إلا بما ذكرته آنفاً من التفصيل والنصيحة،
كما قلت آنفاً:
أنه لا يجوز لمسلم أن يزيد على الرقية في معاجلة الإنسي الذي صرعه الجني، يقرأ عليه ما شاء من كتاب الله ومن أدعية رسول الله صلىالله عليه وسلم الصحيحة.
وكفى
أما الزيادة على ذلك( بعضهم يستعملون بخور وبعضهم يستعملون الزيت ) وهذه أشياء أشياء عجيبة جداً،
هذا كله توهيم على الناس
ومحاولة الانفراد بهذه المهنة عن كل الناس؛
لأنه لو بقيت القضية على تلاوة آيات كل واحد يستطيع أن يقرأ بعض الآيات وإذا بالجني يخرج،:
لا.
بدنا بقا نحيطه بشيء من التمويه والسرية -زعموا- حتى تكون مخصصة في طائفة دون طائفة.
أذكر بقوله تعالى: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِيَعُوذُو نَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً [الجن:6] .
نسأل الله عز وجل أن يحفظنا عن أن يصرفنا إلى الاستعانة بالجن.
.
سؤال 6.....شريط 678

حكم سؤال الجن عن الغيب النسبي :

السؤال : ما حكم سؤال الجن عن أمور الغيب النسبي ؟

جواب الإمام الألباني رحمه الله تعالى :
"
لا نرى التوجه إلى الجني بأسئلة تتعلق بالأمور الغيبية لأن ذلك من بواعث ضلال البشر.
والله عز وجل ذكر في القرآن الكريم شيئا من ضلال المشركين السابقين حيت قال رب العالمين تبارك وتعالى حكاية عن أهل الجن الذين جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه و سلم و آمنوا به فقد كان من قولهم :
"و أنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا"
فالاستعانة بالجن في معرفة الغيب هو كما يقول بعض المتقدمين حينما يستنكر استغاثة المخلوق بالمخلوق إنه كاستغاثة السجين بالسجين .
فاستعانة البشر بالجن في معرفة أمور الغيب هذا كاستعانة البشر بالبشر فإن الجنسين من الإنس والجن يشتركان في عدم معرفة الغيب .
أما حينما يكون المقصود بالغيب هو أمر واقع ولكنه غائب عن البشر بسبب أن طاقاتهم وقدراتهم محدودة وطاقات الجن أوسع فكذلك نقول لا ينبغي لأن الأمر مع الاستمرار في الاستعانة بهم سيتوسع و يتسع الخرق على الراقي فيقع الناس في الاشتراك بالله عز وجل في شرك الصفات.
فإنكم تعلمون جميعا أن الله عز وجل واحد في ذاته واحد في عبادته و واحد في صفاته فلا يشاركه أحد من المخلوقات مطلقا في معرفة الغيب كما قال تبارك و تعالى
"عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول"
الأنبياء و الرسل أنفسهم لا يعلمون الغيب و لكن الله عز جل بطريق الإيحاء إليهم يعلمهم عن بعض المغيبات و لا نبي بعد نبينا صلى الله عليه و على آله و سلم .
لذلك فطريق معرفة الغيب هذا طريق مسدود سواء كان من الغيب الذي لم يقع أو من الغيب الذي وقع و هو غير داخل في طوق البشر.
فالاستعانة بالجني في هذا النوع فهو بلا شك مزلة و ضلالة و هو قد يؤدي كما قلت آنفا إلى الإشراك بالله عز وجل .
الشريط رقم 188_ السؤال رقم11

لا يجوز العمل كراقي !!!
التفرغ للرقية تفرغا كاملا
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله:أولها وأعظمها أن يتخذ القراءة والرقية حرفة يتفرَّغ لها تفرغا كاملا، والمعلوم أن الناس بحاجة إلى الرقية، والتفرغ لها لم يكن من هدي الصحابة في عهده عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ مع أن فيهم راقين، ولم يكن من هدي الصحابة ولا التابعين، وإنما نشأ في أعصر متأخرة، فالذي عليه هدي السلف الصالح والذي دلت عليه السنة أن ينفع المرء إخوانه بجُعل أو بغير جعل في الرقية؛ ولكن لا يتفرغ لها لا يتخذ الرقية حرفة يكون كالطبيب المتفرغ لها، وهذا من جهة أنه لم يرد أو لم يكن في الزمن الأول في قيام الحاجة،إليه.
أيضا من جهة أخرى فيما رأينا من الذين تفرغوا أورثتهم أشياء ممنوعة كثيرة، فمن تفرغ للرقية تجد عنده أشياء من المخالفات؛ لأنه يحتاج إلى أشياء يفعلها وإلى أشياء يتركها، وفعلوا أشياء من بيع من غير برهان، ومن فعل بالرقية عن طريق الأشرطة وعن طريق الأصوات يكون هو يقرأ في غرفة والسماعات في غرفة أخرى على الراقين، ونحو ذلك مما فيه مخالفة للوارد، وهذا ينبغي أن يمنع سدا للذريعة؛ لأنه ربما أفضى إلى أشياء مذمومة من توسع هؤلاء القراء في أشياء لا تجوز أو لم يأذن بها الشرع. شريط الرقى وأحكامها


معرفة مكان السحر و من سحر و هكذا

السؤال: عند قراءة القرآن على المريض (وهو مغمض العينين وفي كامل وعيه) فإنه يرى من سحره أو الساحر أو مكان السحر أو العائن. فسؤالنا: هل يعتبر هذا الأمر اطلاع على الغيب أم لا؟

الجواب: رؤية المريض لمن سحره أو الساحر أو مكان السحر أو العائن عند قراءة القرآن عليه لا يعتبر من الاطلاع على الغيب، ومن اعتقد أنه يعلم الغيب بسبب ذلك فهو كافر؛ لأن علم الغيب من اختصاص الله سبحانه، فلا يعلم به أحد من خلقه إلا ما أوحى الله به إلى من شاء من ملائكته ورسله، قال الله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} ، وقوله سبحانه وتعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} ، وما يحدث للمريض من هذا النوع هو من تأثير الشياطين وخداعهم لبني آدم، وإنما يحصل ذلك بسبب استعانة القراء بالجن، وإن كانوا يتظاهرون بقراءة القرآن والحديث الشريف للتضليل والتلبيس على الجهلة والعوام والسذج وإيهامهم بأن قراءتهم نافعة، فيسلبون أموالهم ويستغلونهم لمصالحهم وشهواتهم، وهم في الحقيقة من الكهنة والعرافين، وإن صدقوا في ذلك أحيانا وصار الواقع كما رآه المريض فلا ينبغي له أن يركن إليه وينخدع به ويعتقد صحته ويتهم الناس بمجرد ذلك، إذ أن ذلك لا حقيقة له ولا أصل له في الشرع، بل هو من تأثير الجن كما سبق، وننصحك أن لا تلتفت لأوهام قد تؤثر عليك في عقيدتك وتكون سببا في قطيعة رحمك وإيذاء الناس، وأن تلجأ إلى الله تعالى وتستغيث به وحده في كشف ضرك، ولا ترجو إلا الله ولا تتعلق إلا به وحده، وأن تعالج نفسك بالرقى والأدعية الشرعية الواردة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن تتعاطى من الأدوية المباحة ما يكون سببا في شفائك بإذن الله.وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(2) الفتوى رقم (19885)

عضو:بكر أبو زيد - عضو:صالح الفوزان

عضو : عبد الله بن غديان - نائب الرئيس: عبد العزيز آل الشيخ .

الرئيس:عبد العزيز بن عبد الله بن باز


الاستعانة بالجن الصالحين

الفتوى رقم ( 6505 )
ومن هذا القبيل ما ورد في سؤال قدم للجنة الدائمة للإفتاء عن مشعوذ في الباكستان يدعي معرفة الجن الصالحين فقدم السؤال إلى اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ ابن باز رحمة الله تعالى:
شيخ في الباكستان ظاهره الصلاح ، والله أعلم يقول إنه يعرفالجن الصالحين ويكلمهم عن طريق أحد الأشخاص ممن كان بهم مرض الصرع وعولجوا . وهم يساعدون في إخراج الجن من المصروعين ويقول إنه يملك سجنا ليعاقب الجن المذنبين عن طريق الجن الصالحين وهم لا يساعدونه في الأعمال الدنيوية الملموسةللإنسان
وقال إنه يملك إجازة لتعليم العرب فمن أراد أن يتعلم يعطيه الأذكار التالية:{آمنت بالله العظيم وكفرت بالجبت والطاغوت واستمسكت بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها والله سميع عليم}هذا بعد كل صلاة سبع مرات قبل أن يتحرك من مكانه . وقبل النوم ينفث بيده{الصلاة الإبراهيمية ثلاث مرات وسورة الكافرون والإخلاص والفلق والناس وأول خمس آيات من سورة البقرة والصلاة الإبراهيمية ثلاث مرات ويمسح جسمه } وهذا لمدة واحد وأربعين يوما.. وإذا أخطأ أعاد من البداية ثم بعد أن ينتهي يرجع للشيخ فيطلب له جماعة من الجن مكونة من عشرة نساء وعشرة رجال يبقون في صحبته وهذه الجماعة يطلبها من مكة المكرمة وهو لا يراها ولا يسمع صوتها ولكنهم يأتمرون بأمره ولا يطيعونه في أعمال الإنسان الدنيوية مثل إحضار شيء أو رفعه أو ما شابه ذلك فقط يحرسونه من الجن وإذا صادف مريضا بالصرع من الجن يقبضون على الجني الذي يصرعه . ويقول أنه إذا أسلم أحد من السجناء عنده يبعثه إلى مكة المكرمة مع جماعة من الجن فإذا كان صادقا يدخل مكة وإذا كان كاذبا لا يدخلها لأن هناك ملائكة تقف عند أبواب مكة تمنع الجن الكفار من دخولها ..
فما هو رأي سماحتكم بهذا بالتفصيل؟. وما هو رأي الدين بالزواج من الجنية ؟.وهل الآية{فانكحوا ما طاب لكم من النساء..} خاصة بنساء الإنس ، لأن الله سمى رجال الجن رجال فهم داخلون في المعنى فهل تكون كلمة نساء أيضا للجن والإنس معا؟.وجزاكم الله خيرا ؟؟؟
فكان الجواب: ( وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأن هذا الرجل الذي ذكرتم يعتبر من الكهان والعرافين الذين نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم وإن أظهر الصلاح والعبادة فالواجب نصيحته وتحذيره من عمله وأمره بالتوبة إلى الله من ذلك وتحذير الناس من المجيء إليه وسؤاله وتصديقه عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم {{من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة}} رواه مسلم في صحيحه وقوله: {{ من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد }} رواه الأربعة والحاكم وقال صحيح على شرطهما وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمران{{ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم}} رواه البزار بإسناد جيد...
( فتاوى اللجنة الدائمة .. فتوى رقم:10774)


تسخير الجن و الاستعانة بهم في الخير !!!

وما هذا الرجل الذي جاء في السؤال وكذلك الذي قبله ، فما هما إلا نموذج من تلك النماذج التي نصبت نفسها للعلاج واتخذوا بدعة التعامل مع الجن وسيلة لعلاج المس والسحر وما يتعلق بهما كالإصابة بالعين والحسد ، وانظر لحال هذاالمشعوذ الذي يدعي أنه يقيم السجون ولديه أتباع وخُدام ابتدع لهم أذكارا وأورادا ويظهر أمام الناس وكأنه من الصالحين ، ولكن العلماء النقاد أهل العلم والبصيرة الذين أمرنا بالرجوع إليهم وبسؤالهم والأخذ عنهم كما قال ربنا جل وعلى: ( فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) قالوا :إنه كاهن عراف.
وغير هذا وذاك كثر ، كالذين يستخدمون الجان في التعرف على مخابئ الكنوز ، أو التعرف على الأموال المسروقة أو البحث عن شخص غائب ، ومنهم من يتجسس على عورات المسلمين بحجة العلاج فيتعرف على أسرار خاصة وأمور دقيقة ليس من حقه التنبيش فيها ، ويتدخل في مسائل قد غيبها الله عليه وعلى البعض من الناس ،لحكمة لا يعلمها إلا الله وحده ، فيطلعون على عورات المسلمين ، وكثيرا ما تخبرهم الجان بمعلومات كاذبة ويصدقها المعالج الذي يثق بصاحبه من الجن إلى حد كبير ، ثم يبني على كذب صاحبه من الجن العلالي والقصور ، وربما أخبر المصاب أو ذويه بخبر الجان الكاذب أو المبالغ فيه ، فتحدث المشاكل الاجتماعية وتنشأ العداوات وتنقطع الصلات بسبب هذا التعامل الذي يزعم أصحابه أنه تعامل شرعي .
وبعضهم يدعي أنه يجري عمليات جراحية يعجز عنها الأطباء في أكبر المستشفيات، ويدعي بعض أولئك المعالجين أن الجان قد بلغوا تقدما باهرا في مجال الطب وأنهم أرقي علميا وتقنيا من بني آدم ، وطبعا هذا الاعتقاد الخاطئ ناتج عن فهم سقيم وذلك بسبب تصديقهم للجان والانجراف وراء أكاذيبهم .
والبعض منهم يدخل بيوت المسلمين على أنه ذلك المعالج التقي الورع المتبع للكتاب والسنة وربما ذكر أهل البيت بالله ورغبهم في الحنة وخوفهم من النار ،وما هي إلا جلسة أو جلستين إلا وتجد المريضة التي كان يعالجها قد زفت له عروسا ، وهو أفضل حالا ممن ينتهي به الأمر إلى ارتكاب الفاحشة والعياذ بالله .
ومنهم من يستخدم الجان في التجسس على مريضه الذي يعالجه ويتعرف على أحواله المادية ثم يستغله ويرهقه بأخذ الأموال ، مرة باسم القرض والأخرى باسم الصدقة وهكذا ، والسبب هو العلاج باستخدام الجان الذي مكن له الاطلاع على العورات بعد أن كسب ثقتهم وخادعهم بورعه الكاذب ، وبعد قليل ينكشف القناع وتظهر الحقائق المخزية ، و هم مع كل ذلك يدعون مساعدة المسلمين وأنهم يقدمون لهم النفع ، ويقولون أن شيخ الإسلام ابن تيمية قد أجاز ذلك ، وهم يعلمون ابتداء أو انتهاءا أنهم يكذبون على الشيخ ، وهل يقبل الشيخ أو حتى من دونه بمراحل كثيرة في العلم والفضل هذه الأباطيل ، والله حسيبهم وهو الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .
وشيخ الإسلام رحمه الله تعالى ينص أن هذه الأعمال من الاستمتاع المنهي عنه ،والذي استحق أصحابه به العذاب ، كما قال تعالى {ويوم نحشرهم جميعا يا معشرالجن قد استكترثم من الإنس و قال أوليائهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون }
وذلك كما جاء في مجموع الفتاوى من
قوله رحمه الله تعالى : [ ومن استمتاع الأنس بالجن استخدامهم في الأخبار بالأمور الغائبة كما يخبر الكهان ، فإن في الإنس من له غرض في هذا ، لما يحصل به من الرياسة وامال وغيره ، فإن كان القوم كفارا كما كانت العرب لم تبال بأن يقال إنه كاهن كما كان بعض العرب كهانا ، وقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وفيها كهان ، وكان المنافقون يطلبون التحاكم إلى الكهان ،وكان أبو أبرق الأسلمي أحد الكهان قبل أن يسلم ، وإن كان القوم مسلمين لم يظهر أنه كاهن ، بل يجعل ذلك من باب الكرامات وهو من جنس الكهانة فإنه لا يخدم الإنسي بهذه الأخبار إلا لما يستمتع به من الإنسي ، بأن يطيعه الإنسي في بعض ما يريده إما في شرك وإما في فاحشة وإما في أكل حرام وإما في قتل نفس بغير حق ] .أ.هـ.
ومن المعالجين من يدعي كذبا أنه يستخدم الجان ليلبس على الناس كي يخوفهم أويبتز أموالهم، ويكشفه أخر من ذوي هذه الصنعة ويحكم عليه بأنه كاذب ويأتي بالبراهين على كذبه.ولهم أحوال عجيبة من تتبعها علم قدر تعاستهم وكساد بضاعتهم .
ومن خلال تتبع واقع أولئك المعالجين نجدهم يعيشون في واقع تعيس وأليم ،مليءبالحزن والأسى والكثير منهم يتجرع ويلات العجز والفقر إضافة إلى مشاكلهم الأسرية وتقطع صلاتهم العائلية ، وربما تعرض بعضهم هو نفسه أو زوجته أو بعض أهل بيته للسحر أو المس فلم يحرك ساكنا وذهب يبحث عمن يرقيه ،ويخلصه مما ألم به ، وهو المعالج القدير الذي يشار أليه بالبنان ، وذلك رغم ما يدعون من أنهم يملكون الممالك والجيوش من الجن المعالجين.
وذلك لأن حقيقة حالهم وما آلوا إليه من صنيع أعمالهم جعلتهم ألعوبة في أيدي الشياطين ، وبدلا من أن يستخدموا الجان ويسخروهم لخدمتهم كما يدعون بحجة العلاج ومساعدة المسلمين في تعاونهم المزعوم على البر والتقوى ، أصبحت الجان تملكهم وتتلاعب بهم كما يتلاعب الصبية بألعابهم ،وإذا ساعدتهم الجان في بعض المسائل العلاجية من فك السحر وغيره ، فما هي إلا وسيلة لهدف
الشيطان الأكبر وغايته المنشودة ألا وهي إيقاع الناس في الشرك بالله العظيم وإفساد معتقداتهم ليكونوا معه من أصحاب السعير ، ويكون ذلك المعالج المسكين هو المطية التي يمتطيها الشيطان لتحقيق أغراضه الخبيثة والمسكين يعتقد في نفسه أنه داعية إلى الخير وأنه ممن بساعد الناس ويهديهم إلى البر ،والواقع خلاف ذلك تماما، ولله ذر العلماء ، وكيف لا وهم ورثته الأنبياء
الذين يحذرون من أساليب الغواية والتي منها التعامل مع الشياطين باسم الدين
فقد جاء في كلام للشيخ صالح آل الشيخ هذه العبارة التي ينبغي العض عليها بالنواجذ وهي قوله في هؤلاء :
( وحكم من يستخدم الجان ويعلن ذلك ويطلب خدمتهم لمعرفة الأخبار فهذا جاهل بحقيقة الشرع وجاهل بوسائل الشرك وما يصلح المجتمعات وما يفسدها والله المستعان).أ.هـ


* الاستعانة بالجن دجل و كذب :
وأيضا: وفي شريط الرقية الشرعية سُئل فضيلته عن الذين يستخدمون الجان المسلمين في العلاج وهل يجوز هذا العمل؟؟؟
فأجاب بما يلي: ( الاستعانة بالجن لا تجوز ولو أدعى أنهم مسلمون وما الذي يدريه أنهم مسلمون ، هذا من التدجيل والكذب فلا يجوز الاستعانة بالجن ،فقد نص الله سبحانه وتعالى في القرآن على تحريم هذا:{وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا. .}. فقال من الجن مطلقة ، لا كفار الجن،بل قال من الجن وقال سبحانه وتعالى : {ويوم نحشرهم جميعا يا معشر الجن قد
استكترثم من الإنس و قال أوليائهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغناأجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربكحكيم عليم وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون }
لا تجوز الاستعانة بالجن ولو أدعى أنهم مسلمون،وما الذي يدرينا أنهم مسلمون؟. و حتى لو كانوا مسلمون ما الدليل على أنه يُستعان بالجن والقرآن أطلق الإنكار في هذا والجن من عالم الغيب لانراهم...) انتهى..
الشيخ صالح الفوزان بن فوزان حفظه الله

حكم سؤال الجن وتصديقهم فيما يقولون:
لا يجوز سؤال الجن أو سؤال من يستعين بالجن من السحرة والكهنة والعرافين عن أمر غيبي ومن ثم تصديقهم فيما يخبرون به ، لأن هذا يقدح في توحيد الأسماء والصفات لأنه لا يعلم الغيب إلا الله ومن فعل ذلك فقد كفر وخرج من الملة كما حكم بذلك من لا ينطق عن الهوى فقد جاء في مسند الإمام أحمد:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد سئل شيخنا العلامة الإمام عبد العزيز بن باز حفظه الله عن هذا الكفر فقال هو كفر مخرج من الملة . (انظر شرح كتاب التوحيد " أشرطة
قال شيخ الإسلام رحمه الله (مجموع الفتاوى 19/62) " وأما سؤال الجن وسؤال من يسألهم فهذا إن كان على وجه التصديق لهم في كل ما يخبرون به والتعظيم للمسئول فهو حرام "
ثانياً حكم سؤال الجن ولو لم يصدقهم السائل لغرض الاختبار أو غيره:
لا يجوز سؤال الجن أو سؤال من يستعين بالجن من السحرة والكهنة والعرافين ولو لم يتحقق التصديق لهم لأن ذلك ذريعة إلى الشرك وقد حرص الشرع على سد أبواب الشرك والتحذير من كل ما يمس جانب التوحيد و باب سد الذرائع من الأبواب التي أقرها الشارع وعمل به العلماء كما قال تعالى {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون} الأنعام108

خلاصة كل ما سبق
1- من يزعم انه يعلم من الذي سحر او مكان السحر فهو يدعي علم الغيب و هو اما كاذب او مستعين بالجن و كلاهما لا يجوز !!!
2- من يخاطب الجن وقع بضلالة عصرية لم يفعلها احد من السلف
3- لو فرضنا جدلا ان من يكلمه جني فكيف يصدق و نحن لن نستطيع صدق كلامه من عدمه مثلا يقول الجني ان اسمه كذا ا وان دينه كذا فكيف نتأكد من صدقه او كيف نعرف كذبه ؟
4- الفك للسحر او المس و غيره كما قال علماؤنا يكون بالرقية فقط و هذا ما لم يحدث بالبرنامج او لدى كثير ممن يقال عنهم رقاة

الخميس، 9 يناير 2014

الفضائيات السلفية المصرية لنا أم علينا ؟

منذ دخل الفرنسيون مصر في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي ومصر في حالة صحوة إسلامية ، بدأت بشباب الأزهر يقودهم عمر مكرم ، وكانت أول ثمار هذه الصحوة المباركة طرد المحتل الفرنسي من البلاد ، ثم صارت الصحوة الإسلامية في طريقٍ موحشٍ كثير الهوام وكثير الأكمنة ، فاصطدمت بالمستشرقين ، ونصارى الشام ومصر ، ومخرجات البعثات المصرية للدول الأوروبية ، والإنجليز المحتلين ، والخارجين من الصف الإسلامي كمحمد عبده ، ثم بإفرازاتهم من الوطنين والعلمانيين .
والصحوة تَجِدُّ السير حيناً وتنكفئ حيناً آخر ، وتصارع هذا حيناً وتصارع ذاك حيناً آخر ، حتى يَسَّر الله لها أن تتعرف على منهج السلف الصالح ـ رضوان الله عليهم ـ ودفعت الصحوة ثمناً غالياً من وقتها وجهدها وأبنائها حتى اهتدت إلى هدي السلف الصالح رضوان الله عليهم .

وكانت الحرب ـ على الصحوة ـ في كل مرة تأخذ محورين ، وتدور رحاها على الطيبين بفريقين .
فمحورُ جدالٍ ومحورُ قتالٍ .. محورٌ في الفكر ، يحاربون العقول .. ومحورٌ على الأبدان يأسرون ويعذبون ، وتدور رحاها على الطيبين بفريقٍ من الكافرين وفريقٍ من المنافقين .. فريق من الخارج وفريق من الداخل .

وتختلف أشكال وأفراد المواجهة باختلاف المكان والزمان ، إلا أنها في كل مرة على هذين المحورين بهذين الفريقين في كل مرة .

وإلى عهد قريب ، وكل ما هو صحوي ومَن هو صحوي يلازمه الخوف ، وخاصة أهل اللحية والثياب الأبيض.
واليوم أهل اللحية والثياب والأبيض في الفضائيات ، يتحدثون للناس ، ونسائهم بالحجاب في الشوارع والطرقات يجاهرون بشعائرهم .
ما الذي حدث ؟
مُكِّنَت الصحوة ؟
خرج جيل من المخلصين الجادين فمكَّن لهم رب العالمين ؟!

لا . لم يحدث شيء من هذا ، فلم تضع الحرب أوزارها ، لا زالت مستعرة في ساحتيها .. لا زالوا يرموننا بالشبهات ، ولا زالت السياط لمن لا ذنب لهم إلا أن قالوا ربنا الله . بل يزداد الأمر سوءاً إذا نظرنا إلى مجاهرة ( الآخر ) ـ من الكافرين والمنافقين ـ بمحاربة الدين والتطاول على سيد الأولين والآخرين والدعوة إلى الكفر من عباد الصليب .
إن المشهد الموجود في الفضائيات صغير جداً ، أو محدود جداً ، وليس هو كل الواقع . وإن للواقع قراءة أخرى . نقدمها في هذه السطور .

الفضائيات الإسلامية عموماً والمصرية خصوصاً نوع من المصالحة المؤقتة مع الواقع المخالف ، أو تفريغ للجهد العالي ، أو دوامة افتعلت لإيقاف مد الصحوة الإسلامية .
يتضح ذلك بأمور :
الأول : عرض السياق العام الذي ظهرت فيه الفضائيات الإسلامية .
الثاني : استوضاح الأهداف التي تتحرك لها الفضائيات .
الثالث : نظرة على ما جنينا من الفضائيات الإسلامية السلفية المصرية تحديداً .

أولاً : السياق العام الذي ظهرت فيه الفضائيات .


ما لا ينكره متابع أن العلمانية جاءت البلاد على ظهر الاحتلال ، وظلت ممكنة حتى انتهى الاحتلال ، وأن القومية العربية ( بنت العلمانية التغريبية ) قَدَّمت كل ما عندها وفشلت في تحقيق شيء من أهدافها ، بل لم يكن لها هدف سوى حرب الإسلام ، ولو كانت ذات قيم ومبادئ لقدمت شيئاً للناس يستمسكون به . ولم يبق لنا منها إلا حثالة من البشر لا يقدمون سوى الرديء الوضيع ، قولاً وفعلاً ، فهم أولائي اليوم يفخرون باللواط ، ويقدمون الساقطين والساقطات . وتلك أفكارهم وحضارتهم تهدم البيوت وتقتل الشيب والشباب في فلسطين والأفغان والصومال والعراق .
بعد فشل ما ليس بإسلامي ، وبعد سقوط عامة ( الرسميين ) من المنتسبين للمؤسسة الدينية الرسمية ( الأزهر ) في أعين الناس ، ومع صمود الصحوة الإسلامية وانتشارها ، وعدم ذوبانها مع استعمال أقسى الأساليب للرد أو التذويب ، ومع تطورها ، واجتماع عامتها على رفض الموجود ( بغض النظر عن الحكم عليه ) ، كان لابد من دوامة جديدة توقف الصحوة عن المسير قليلاً . فكانت الفضائيات الإسلامية .

أعرف أنه لم يحدث اتفاق بين الشيوخ وبين ( الآخر ) من الكافرين أو المنافقين ، وإنما طريقة التعامل من قبل المجرمين ثابتة لا تتغير ، وهي وحدها ـ بتقدير الله ـ التي أفرزت الفضائيات بشكلها الحالي .!
طريقتهم أن يتم الضغط على العاملين للدين ، وخاصة قيادات العمل الدعوي ، ثم تعرض عليهم الثوابت بعد تعديلها ، فيراجعون ويتراجعون . ثم يقدمون القابلين للنماذج المعدلة ، ومن لا يقبل المعدل يؤخروه .هذا ما حصل .

فهؤلاء الكرام الذين في الفضائيات ليسوا هم الصحوة الإسلامية السلفية المصرية ، أبداً ، بل جزء منها ، جزء دخل في مساومة حقيقية أو ضمنية .

إن ظهور القنوات الفضائية السلفية المصرية ، أو ظهور بعض شيوخ الدعوة السلفية في مصر يخاطبون الناس على مساحة واسعة ، ليس انتصاراً للصحوة الإسلامية ، فما زالت الحرب على أشدها في مصر وغير مصر مازالت الحرب على أشهدها مع الفريقين .. المجرمين والمنافقين .. وعلى ذات المحورين في الأفكار والأبدان . وما الفضائيات إلا صورة من صور الصراع ، ويتضح هذا من بيان الأمر الثاني

ثانياً : استوضاح الأهداف التي تتحرك لها الفضائيات .

أو : نطرح سؤالاً توضيحياً : هل تتصدى القنوات الفضائية للمشاكل الدعوية القائمة ؟
قضية فلسطين ، وهي أهم القضايا الموجودة على الساحة ، وحال الحرب ، وهي أمس الحالات وأطلبها للوقوف ، خرجت علينا القنوات الفضائية ، تقول لا جهاد الآن إلا جهاد النفس ، والميدان الآن ميدان النفس ، والأمة لن تُنصر وهذا حالها.
مع أنها يوم جاءها التتر كانت حالهم حاله . .يقولون هذا والعدو بالديار بينه وبين هتك الأعراض وقتل الصغار والكبار عشية أو ضحاها . بل وخرج لنا لسان مرّ من شفة مفلوجة يقول ولاة مصر أعلم وأحكم وأقدر وأغير على الدين ، وليس فقط بل ويسب العاملين للدين .!!
وحين تسأل : يقال : ضغوط !!
يا قومنا !
ضغوط ؟؟!!
ستلقون الله ، فأعدوا جواباً .

ولك أن تراجع حال مصر التي قصم الله بها ظهر التتار حين تولى قطز الحكم ، في شهر صفر ( الشهر الثاني من العام الهجير ) كان الغلاء وكان الإقطاع وكان وكان ، وفي شهر رمضان ( الشهر التاسع من نفس العام ) هزم الله التتار بهؤلاء . والأمثلة كثيرة يكفي هذا كشاهد هنا وإن اعترض علي معترض أرسلت له الشواهد تترا .

ويغيب عن قومناً أهم قضايانا ، أهم ما رمي به هذا الدين منذ أرسل الله سيدَ الأولين والآخرين ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وهو التطاول على حبيبنا وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .!!
في مصر . الأقباط .. القلة القليلة .. التي لا عدد ولا عتاد .. التي استعدت الدنيا كلها فليس لهم بين الأنام حبيب .. في ديارنا تتطاول هذه القلة القليلة على رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشريعة ربنا . وتدعوا الناس للكفر .
وتسأل : أين قومنا ؟ أين الفضائيات ؟ أين السائرين على خطى الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ الداعين إلى سنته وسنة الراشدين المهديين من بعده ؟!
تأتيك الإجابة بكلمة واحدة : خطٌّ أحمر . !! .. أنتم مثيري فتنة !! هذا لسان مقالهم ، ولسان حالهم لا شأن لنا بالحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولا بدعوة عباد الصليب .!!
القوم موجهون ، لا تخطئ عين هذه الحقيقة ، ولا يماري عاقل فيها البتة . والقوم في غير ميدانهم ، هذه حقيقة لا تخطئها عين . وأخف ما يمكن أن يقال هو أنهم يسيرون تحت ردود الأفعال .

ثالثاً : ثمرات القنوات الفضائية :

أو ماذا حصل بعد ظهور التيار السلفي في القنوات الفضائية ؟
هونت الفضائياتُ الثقاتَ من شيوخنا الكرام . استرحلتهم من المساجد ، وهي بيت الدعوة ، وحصنها ، ثم زاحمتهم بما يسمى ( الدعاة الجدد ) . فهانت الفتوى في أعين الناس ، وباتت السلفية متشددة . وأصبحت الخيارات ثنائية بين الدعاة الجدد ودعاة السلفية . وغاب عن الطرح أحاديث المنابر التي كنا نسمعها في التسعينيات من القرن الماضي بل :
بدأ بعضهم ينقلب على تلك الثوابت مستأنساً بما آل إليه الحال اليوم ، فرأينا الآن من يريد تمرير بعض الأباطليل التي ما كان يجرؤ أحد على الحديث بها في غير مجلسه الخاص .. رأينا الآن من يريد أن يجعل الإرجاء عقيدة أنصار السنة المحمدية في مصر .!!
وبدأت الصحافة تناوش الشيوخ بالتحدث عن الرفاهية التي يعيشون فيها ، والأجور التي يتعاطونها ، وتصدر سنوياً بياناً بدخلهم . وقد بدأت أعين الجماهير تدور حقداً وحسداً ، وبدأ قوم من المنتفعين يركبون ذات الطريق وصولاً إلى المسكن الفسيح والظل الظليل والنساء والبنين .فصارت الدعوة مغنماً ، وكانت مغرماً .
ولذا تولد الآن في الساحة الفكرية ظاهرة جديدة ، هي ظاهرة ( شيوخ الاستديوهات ) .
يتم الآن إخراجنا من المساجد والاستيلاء عليها .ولن نستطيع العودة إليها .
يتم الآن تهوين الشيوخ ، وتهوين الفتوى ، وشرعنة ( الدعاة الجدد ) ، وزحزحة القضايا الدعوية بعيداً عن الأهم ، بل عن المهم . ويتم الآن طحن الجادين ، وتقطيع جلودهم بسياط المجرمين .
والفضائيات تنال ثمرة لا طعم لها ولا رائحة . وهي استجابة عوام الناس .. أو تأثرهم بخطاب الوعظ الفضائي . وهذا حقيقي ، ويكبر في حسِّ جلهم ، وهو محدود ، ويذهب مع أول داعٍ إلى شيء آخر .

أهم ضالون فنهجرهم ؟!

أبداً . ليسوا كذلك . بل هم كرام أفاضل.
إنهم يسيرون من طريق خلفي ، يحسبون أنهم أذكى ، وما دروا أنهم يعملون تحت أعين عدوهم . وأن عدوهم أقدر منهم .
يحسبون أنهم سيسبقون عدوهم إلى أهدافهم . إنهم يراهنون على الجماهير .
وتلك أمنية ضائعة
الجماهير لا تحسم صراعاً . الجماهير بالنخبة . الجماهير قبل الثورة كانت كلها مع الخيار الإسلامي في مصر وفلسطين والجزائر والمغرب العربي والهند .. ثم كانت مع الخيار المعادي .. ذات الجماهير انتقلت بين عشية وضحاها ، الخطاب الوعظي لحظي ، ولا نقلل من أهميته ، ولا يستمر أثره طويلاً إلا مع النخبة . والجماهير بطبعها تحب الدين كان فاسداً أم كان صالحاً ، لذلك يجد المبتدعة جماهير عريضة فقط حين يحسنون التعبير عن أنفسهم ، بل هم أكثر الناس شعبية .

لماذا تكلمت أنت وسكت الشيوخ ؟

وهي حجة الجاهل الذي لا يعرف ، ولا يريد أن يعرف ، يلقي بها في وجهنا ، يحسب أنه يعرف كل شيء . الشيوخ يتكلمون ولا يُسمع لهم . تخذ شيوخ الفضائيات مستشارين ممن لا يخالفونه واستدبروا إخوانهم ، بل شيوخهم . فلسنا وحدنا مَن يتكلم .

هل الخيار فض القنوات الفضائية ؟

لا أدعو لفض القنوات فهي وسيلة ، فقط إلى ترشيدها . ندعو لأن يصمد الشيوخ لقضايا الأمة الرئيسية . وعلى رأسها تطاول النصارى على شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم . فتلك أم المصائب ، أن يتطاول الأقزام الأراذل على أعز ما عندنا . وأن ندعى للكفر ، ويكفر بالفعل بعض أبنائنا .
ندعو لأن نكون حذرين من محاولات عزلنا عن حصننا الأول ( المسجد ) .
ندعو لأن نكون حذرين من شرعنة ( الدعاة الجدد ) وما ينطوي عليه هذا الأمر من خطورة بالغة تنال ثوابتنا ، مثل الحجاب ، والاختلاط ، بل والتوحيد حق الله على العبيد .
ندعو لأن نكون حذرين من تجربةٍ كالتي مررنا بها في العقد الثامن من القرن الماضي ، حين سمح للإسلاميين أن يتنفسوا قليلاً ، وبان بعد ذلك أنهم كانوا أداة في يد غيرهم .
ندعو لأن نكون حذرين في أن يحارب بعضنا بعضاً ، بأن تتحول قضايا الفضائيات إلى قضايا داخلية ، تناقش العمل السياسي ( الإخوان أعني ) ، أو تناقش بعض التيارات السلفية .

السلفية وفخ الاستبداد والحزبية

ليس في هذا المقال حديثٌ عن هذا أو ذاك، ولا في هذا المقال تعدٍ جليٍ أو من طرفٍ خفي على هذا أو ذاك، وإنما تقديم وجهة نظرٍ مبنية على أسس علمية (النظرية الإمبريقية)، لمحاولة فهم أسباب اضطراب المشهد السلفي، وإلى أين يسير؟!

النظام المستبد لا يتواجد إلا على مجتمعٍ مقسمٍ إلى دوائر متفرقة ـ متناحرة أو غير متناحرة ـ، يسود هذه الدوائر الصغيرة حالة من الاستبداد أيضاً. وهذا واضح في حالة المجتمع المصري في ظل حكم الاستبداد، فقد كان تجمعات على هويات مختلفة، بعضها سياسي، وبعضها ديني، وبعضها مذهبي. وكل دائرة يسود فيها أحد المستبدين أو عصبة من المستبدين. ولك أن تتدبر الحالة النصرانية؛ بل والحالة السياسية "المعارضة" للنظام السابق (أحزاب المعارضة)، ستجد أن ثمة استبداد داخل هذه الدوائر.

ولم تنج الحالة السلفية من "طبائع الاستبداد"، فقد كانت مقسمة إلى دوائر، يوجد بداخل هذه الدوائر استبداد ـ ولو بحسن نية ـ. بيد أن عوامل التقسيم وسيادة مستبدين في الحالة السلفية لا يسأل عنها فقط النظام القديم، بل إن العامل الأكبر (بعد الرصد العريض للظاهرة في عامة مشاهدها، والتفكير العميق في المشاهد) هو الخطاب السلفي نفسه!!

الدين كامل، والشريعة محكمة، فلا نقص يحتاج لتكميل، ولا خطأ يحتاج لتصويب، قال الله تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا". وقد انتقل هذا الكمال للنموذج الرباني .. محمدٍ صلى الله عليه وسلم . وبغير قصد تسرب هذا الكمال للدعاة في واقعنا المعاصر، فظن بعضُ من اشتهر عرفه الناس أن بوسعه أن ينزل كلَّ ميدان.. وأن يتحدث بالصواب في كل شان، ذلك أنه "يعرف" الدين. ولذا نظر لمن يدعوهم بنظرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأتباعه، فرأى أن الصواب عنده ، وأن مَن خلفه ليس لهم إلا الاتباع. !!

من هنا جاء الاستبداد ، ومن هنا جاء الاضطراب.!!

تحول "الدعاة" إلى قادة سياسيين، ومصلحين اجتماعيين، بدافع أنهم "يعرفون" الدين، والدين كامل، والشريعة محكمة. وهي ظاهرة أفاد منها أعداء الملة في التأثير على الرأي العام (الجماهير)، لتفتيته ثم توجيهه وإرباك الصف المتدين... .فحين تدقق في المشهد سترى أن "المخالف" هو الذي أفسح للدعاة "الجدد" و"التقليديين" بالنزول في ميدان الإصلاح الاجتماعي والعمل السياسي ومعرفتهم بهذه الميادين قليلة لا ترق لمستوى الدور المطلوب منهم.
وهذا عندنا (السلفيين)، وعند غيرنا (النصارى)، و(الفنانيين) و (لاعبي الكورة). وكانت الثمرة إربكاك المشهد الاجتماعي بغير المختصين، ومن ثم تفتيت الكتلة الجماهيرية.. وهو ما سهل إعاقة حركتها والتحكم في توجيهها، ولو مرحلياً.

اتكاءً على أن "الداعية" قد صُبغ بكمال الشريعة وعصمتها فَقَدَ الصف السلفي النقد الذاتي، فقد أصبح النقد الذاتي نوع من "التعدي" على الفهم الصحيح للدين، وخاصة حين استعمل هؤلاء قاعدة "لحوم العلماء مسمومة"، وهي حق حين يراد التشهير والإسقاط، لا حين يكون الحال رداً بالتي هي أحسن، فما خلا عالم من ردٍ. بل طال الرد فقهاء الصحابة رضوان الله عليهم.

إن خطر رفض النقد التي تستبطن "العصمة" تظهر في الانشقاقات، فكلما استعص النقد داخل الدائرة خرج منها الناقدون (أو طردوا) وأسسوا دائرة أخرى مناوئة، لا همَّ لها سوى التغلب على إخوانها، وذات الملاحظة موجودة في الحالة النصرانية: لا يسمح بالنقد، فتكون النتيجة انشطارات متتالية.. تؤدي إلى كيانات صغيرة متفرقة.. وفي أغلب الأحوال متناحرة.

ولذا على الحالة السلفية أن تفيق، وتعلم أن لا عصمة لأحد، وأن مبدأ الشريعة هو أن المهام تسند للأكفأ لا للأشيخ ولا للأتبع، وأن تكميم الأفواه يعني مزيد انقسام وتفرق،وبالتالي ذهاب القوة.

وانعكس سيادة غير المختصين، ممن لا يقبلون النقد، ولا يحترمون التخصص، على الآداء السلفي في المشهد العام، فاتسم الآداء السلفي بأمرين رئيسيين:
الأول: التبعية والتأخر، وقلة الابتكار. فنلاحظ دائماً، أن "رؤوس" السلفية التقليديين يأتون في آخر المشهد، ولا يستقلون برأي؛ بل يتبنون خطاً يتقدمهم فيه غيرهم. وغالباً يفضلون تبعية مَن يسود.
والثاني: الاضطراب، نتيجة الانشقاقات داخل الصف السلفي، وتفعيل الأتباع في تصفية الحسابات، ونصرة "الرؤوس".
وازداد الأمر سوءاً بدخول السلفية في" لعبة الأحزاب"، إذ قد جمعت بين الاستبداد والتحزب!

والمنتظر من السلفية؟
العلم عند الله، فقط ننظر في المعطيات، ونستحضر التجارب التاريخية وطبيعة الظرف الراهن والفاعلين فيه، ونقدم رؤية لما نريد مستقبلاً، أو لما نتمنى أن يكون مستقبلاً، على أن بعض الأطروحات تخرج من إطار التحليل إلى الضغط والتوجيه.

السلفية ـ كمنهج ـ هي النجاة مما نحن فيه، فحقيقتها تعني توحيد المجتمع وتفاضله على التقوى، ونشر أواصر المحبة والإخاء بين أبنائه، وتثقيف المجتمع ضد الظلم والاستبداد، وهذا هو العامل الأهم في تحقيق "الأمن القومي": جماهير متماسكة واعية ـ وقد كتبت عن هذا من قبل تحت عنوان: الأهم في قضية الإصلاح والفساد ـ، وقبل ذلك تعبيد الناس لله، وإن عبد الناس ربهم رضي عنهم وأرضاهم، فآمنهم من جوعٍ وآمنهم من خوف، قال الله تعالى: "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء والأرض".

فقط تتخلص السلفية من رواسب الاستبداد، بتبني النقد الذاتي، وتبني التخصصية في العمل، وتُقديم الأصلح ، وتنتهي حالة "القداسة" التي يرتديها "المستبدون"، الذين سادوا فقط لعامل خارجي وهو سيادة الاستبداد على الناس، وعندئذ فالسلفية هي الحل.

والواقع يبشر، فابستحضار السياق العام للمشهد السلفي في العشر سنوات الأخيرة، نجد أن الفاعل الحقيقي في المشهد هم الشباب، وأنهم خليون من الاستبداد.. أو يكاد، وأن الأكفأ يتقدم الصف، وأن حالة ذوبان مع الناس تسود بين شباب السلفية.

إن واجب المرحلة هو إكمال الثورة على الاستبداد ... فك دوائر الاستبداد التي أبقاها النظام .. وإن أخوف ما يخافه عاقل على الصف السلفي أن يجمع بين الاستبداد والتحزب.


محمد جلال القصاص

الأحد، 9 يونيو 2013

السلفية و الولاء و البراء

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فالدعوة السلفية هي: دعوة للرجوع لكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بفهم سلفنا الصالح -رضوان الله تعالى عليهم جميعًا-.
والسلف: هم الصحابة ومن تابعهم بإحسان من سائر القرون الخيرية، وأئمة الدين العدول.
والسلفيون: هم من تابعوهم على هذا الفهم إلى يومنا هذا من أهل السنة والجماعة، وهذا هو المنهج المنضبط لفهم الإسلام والعمل به، (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:100) فكل من أراد النجاة و الفوز والرضوان، وأن يكون من الطائفة الظاهرة المنصورة فما عليه إلا الرجوع لمثل ما كان عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحابته الكرام، (فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا) (البقرة:137) (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) (آل عمران:110) وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما صح عنه: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) (رواه البخاري)، وقال عنهم ابن مسعود -رضي الله عنه-: "كانوا ـ أي: صحابة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أبر هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا".
ولن نستحق هذه الخيرية؛ إلا إذا سلكنا طريقهم، ولا يمكن أن تتوحد الأمة؛ إلا باتباع منهجهم وسبيلهم.
"كل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف".
"ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".
ولا يقال لمن أطاع الله: فرقت صفوف هذه الأمة، إنما يقال لمن عصى، وابتدع، وخالف كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- كالشيعة، والخوارج، والصوفية، (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) (المائدة: 14).
ولا يمكن أن تجتمع القلوب على البدع والضلالات، وفي حديث العرباض -رضي الله عنه-: (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى) (صحيح).
فالمخرج من الخلاف هو: اتباع السنة، والحق واحد، والباطل كثير، لا ينحصر،(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (الأنعام:1).
ونحن لا نرضى للإسلام بديلاً، ولا عنه تحويلاً .
وقد شاعت الأسماء في السلف -رضي الله عنهم- مثل: "المهاجرين" و"الأنصار" أو "أهل السنة والجماعة".
والتعصب على الحق محمود، والمذموم هو التعصب على الباطل، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: 2).
ويقال لكل من دعا بدعوة غير دعوة الإسلام، أو اجتمع مع غيره على باطل: "دَعُوهَا، فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ ".
ونحن يسعنا ما وسع سلف الأمة -رضي الله عنهم-، فالأصول التي كانوا عليها معصومة بعصمة الكتاب والسنة، وقد كانوا يتناظرون في المسائل العلمية والعملية مع بقاء الألفة، والأخوة الإيمانية.
ويقول ابن تيمية -رحمه الله تعالى- : "من خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة خلافًا لا يُعذر فيه؛ فهذا يُعامل بما يُعامل به أهل البدع".
ثم الحق مقبول من كل من جاء به كائنًا من كان، والباطل مردود على صاحبه كائنًا من كان، فهذه الدعوة المباركة هي دعوة المسلمين: كبيرهم وصغيرهم، ذكرهم وأنثاهم، وهي دعوة شاملة شمول الإسلام لكل ناحية من نواحي الحياة سواء كانت سياسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية، أو أخلاقية.
وإذا كان لا يجوز اتهام الإسلام بالحزبية والعصبية المذمومة؛ فكذلك الأمر هنا، فلا يصح أن نتهم الدعوة السلفية بمثل تلك النعوت.

فإن الأخوة منحة من الله -عز وجل- يعطيها الله للمخلصين من عباده والأصفياء والأتقياء من أوليائه وجنده وحزبه، قال -تعالى-: (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ. وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (الأنفال: 63)، وهي قوة إيمانية تورث شعورًا عميقًا بعاطفة صادقة ومحبة وود واحترام وثقة متبادلة مع كل من تربطنا بهم عقيدة التوحيد ومنهج الإسلام الخالد، يتبعها ويلزم منها: تعاون وإيثار، ورحمة وعفو، وتسامح وتكافل وتآزر، وهي ملازمة للإيمان، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10).
ولا يذوق حلاوة الإيمان إلا من أُشرب هذه الأخوة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ) (رواه البخاري).
وهم مع ما هم فيه من التواد والتراحم يدٌ على من سواهم، أشداء على الكفار، قال -تعالى-: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) (الفتح: 29)، فالأخوة في الله من أهم الأسباب التي تعمل على الصمود في وجه أعتى المحن التي تنزل بالمسلمين، كما أن الفهم المتبادل والكامل للأخوة في الله من أسباب تماسك صفوف المسلمين وقوتهم، ومن أسباب شموخهم، والتمكين لهم.
فأي دولة لا يمكن أن تنهض إلا على أساس وحدة الأمة وتماسكها، ولا يمكن للوحدة أن تتم بغير التآخي والمحبة المتبادلة، فكل جماعة لا تآلف بينها ولا تآخٍ؛ لا يمكن أن تتحد حول مبدأ ما، وما لم يكن الاتحاد حقيقة في الأمة والجماعة؛ فلا يمكن أن تتآلف منها الدولة، فالحب بين المسلمين والحرص على روابط الأخوة المستمدة من الإيمان والعقيدة سر قوة الأمة، ومفتاح نجاحها ونصرها، قال -تعالى-: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ . وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالإيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر:8-9).
فعُلِمَ أن من أبرز صفات المسلم الصادق: حبه لإخوانه حبًّا ساميًا مجردًا عن كل منفعة، بريئًا من أي غرض، نقيًّا من كل شائبة، إنه الحب الأخوي الصادق الذي استمد صفاءه وشفافيته من مشكاة الوحي وهدي النبوة، فالرابطة التي تربط المسلم بأخيه مهما كانت جنسيته أو جنسه أو لونه أو لغته أو قوميته هي رابطة الإيمان بالله، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10).
وأخوة الإيمان أوثق روابط النفوس، وأمتن عرى القلوب، وأسمى صلات العقول والأرواح، فلا عجب أن تثمر تلك الأخوة الفريدة نمطًا من الحب عجيبًا في سموه ونقائه، وعمقه وديمومته، يسميه الإسلام: "الحب في الله"، ويجد المسلم الصادق فيه حلاوة الإيمان، فالحب في الله يجعل العبد في زمرة السبعة الذين يظلهم الله في ظله، ويشملهم برحمته وبره.
قال -صلى الله عليه وسلم-: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) (متفق عليه).
وحسب المتحابين في الله شرفـًا أن رب العزة يحفل بهم في ساحة الحشر يوم القيامة، فيقول: (أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي؟ الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي) (رواه مسلم)، وقال الله -عز وجل- في الحديث القدسي: (الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلَالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ) (رواه الترمذي وصححه الألباني).
وهذا الحب في الله هو الذي يرفع الإنسان إلى الدرجة التي يحبه الله -عز وجل- فيها ويرضى عنه، فقد روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ؛ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟، قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لاَ، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ.
وهذه المحبة بين المؤمنين شرط من شروط الإيمان الذي يدخل صاحبه الجنة، فقد روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ). وبهذه المحبة الناصعة الصادقة العجيبة بنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جيل الإسلام الأول الذي بلـَّغّ رسالة السماء إلى الأرض، وكان القاعدة الصلبة التي حملت صرح الإسلام الشامخ إلى الناس.
وبدون هذه المحبة الصافية التي تفرد بزرعها الإسلام في القلوب؛ ما كان المسلمون الأوائل ليستطيعوا التماسك والصمود في تحمل تبعات الجهاد وتقديم التضحيات الجسيمة في بناء دولة الإسلام ونشر أعلامه في الخافقين، وبهذه المحبة الصادقة استطاع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينشئ مجتمع المؤمنين الأمثل في تاريخ الإنسانية الذي صور الله -سبحانه وتعالى- تماسكه العجيب أروع تصوير بقوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) (الصف: 4)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا) (رواه البخاري)، وقال -صلى الله عليه وسلم-:  (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ؛ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ إِنْ اشْتَكَى عَيْنُهُ؛ اشْتَكَى كُلُّهُ، وَإِنْ اشْتَكَى رَأْسُهُ؛ اشْتَكَى كُلُّهُ) (رواه مسلم).
مفهوم الولاء وصلته بالمحبة:
إن قضية الولاء في الإسلام هي من أهم القضايا في حياة الفرد المسلم، ولابد أن تكون هذه القضية واضحة كل الوضوح أمامه؛ لأنها قضية مهمة وهي التي تميز الفرد المسلم والصف المسلم، فمن كان من المسلمين بظاهره وباطنه؛ فهو منهم، ومن كان مع أعداء الله في ظاهره أو باطنه؛ فهو منهم، ولذلك ورد النهي الشديد عن اتخاذ الكافرين والمنافقين، ومن والاهم أولياء.
قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) (النساء:144).
وقال -تعالى-: (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران:28).
وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ) (الممتحنة:1).
كما بيـَّن القرآن أن الكفار صف واحد يوالي بعضهم بعضًا ويجمعهم جميعًا، أنهم أعداء لدين الله -تعالى-، قال -تعالى-: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) (التوبة:67)، وقال -تعالى-: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) (الأنفال:73)، وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) (المائدة:51).
فإذا كان أعداء الله بعضهم أولياء بعض، فلابد أن يكون المؤمنون بعضهم أولياء بعض، ولابد أن يكون هذا الولاء متميزًا كل التميز، والله -تعالى- ولي المؤمنين جميعًا، قال -تعالى-: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) (البقرة:257).
وقال -تعالى-: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) (التوبة:71).
وقال -تعالى-: (وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) (الأنفال:72).
وبين الله -سبحانه و-تعالى- أن من يتولى الكافرين أو المنافقين فإنه منهم، قال -تعالى-: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) (المائدة:51)، وقال -تعالى-: (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ) (آل عمران:28).
فالقرآن الكريم يطلب من المسلم أن يقطع كل ولاء للكافرين، وأن يكون ولاؤه لله ورسوله والمؤمنين فقط، قال -تعالى-: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) (المجادلة:22).