الثلاثاء، 7 فبراير 2012

موقف المسلم أمام خلاف العلماء

موقف المسلم أمام خلاف العلماء

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما لا ريب فيه أن الشريعة الإسلامية نصوص وأدلة تبنى عليها الأحكام والمسائل الشرعية، لا مجال فيها لآراء الرجال واستحسان العقول ووجهات النظر والنظريات المختلفة، وهذه النصوص هي حجة الله على عباده، يجب تقديمها والتعويل عليها وترجيح الراجح بها، فلا يحل لمسلم العدول عنها لقول أحد من الناس كائناً من كان.
ولما كان الكثير من هذه النصوص والأدلة ظني الدلالة نشأ بذلك الخلاف بين العلماء لتفاوت مداركهم وقدراتهم في استظهار الحق واستنباط الأحكام وفهم وجوه الكلام، ومن نعمة الله تعالى على هذه الأمة عدم وقوع الخلاف في أصول دينها، وإنما كان في مسائل وأحكام فرعية لا تؤثر على وحدتها وتماسكها، وهذا الخلاف بين العلماء لم يكن القصد منه مخالفة نصوص الشرع، وإنما هو اختلاف بينهم في الوصول إلى الحق وتحقيق مقاصد الشريعة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وليعلم أنه ليس لأحد من الأئمة المقبولين عند الأمة -قبولاً عاماً- يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته دقيق ولا جليل، فهم متفقون اتفاقاً يقينياً على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ” مجموع الفتاوى، ج02″
فالخلاف بين العلماء ظاهرة طبيعية في حياة الأمة اقتضتها دلالة النصوص، ولكن الشأن كل الشأن في موقف المسلم أمام هذا الخلاف الذي جانب الصواب فيه طائفتان من الناس:
أولاهما: تظن أن وجود الخلاف بين العلماء يعني الحرية في اختيار ما يوافق الهوى من الأقوال في المسألة المختلف فيها، فتتبعت رخص العلماء وأخذت بما يتوافق مع رغباتها ويهواه هواها دون النظر إلى كونه راجحاً أو مرجوحاً، حتى زلت قدمها ووقعت في محظور ربها.
والثانية: استغلت وجود هذا الخلاف لنشر وترويج الأقوال المرجوحة والشاذة تحت شعار احترام الرأي الآخر وعدم اقصائه وتهميشه والتيسير على الأمة، ونحو ذلك من المصطلحات والعبارات البراقة، التي يُروّج لها عبر وسائل الإعلام المختلفة، لينخدع بها عوام الناس وجهلتهم.
والعاقل البصير يبصر في منهج هاتين الطائفتين المنزلق الخطير الذي ينحّي الأمة عن مصادرها الأصيلة الكتاب والسنَّة إلى آراء وأقوال بشرية يعتريها الخطأ والنقص، 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع فتاواه: 
فلا يجوز لنا أن نعدل عن قول ظهرت حجته في حديث صحيح وافقه طائفة من أهل العلم إلى قول آخر قاله عالم يجوز أن يكون معه ما يدفع به هذه الحجة وإن كان أعلم، إذ تطرق الخطأ إلى آراء العلماء أكثر من تطرقه إلى الأدلة الشرعية، فإن الأدلة الشرعية حجة الله على جميع عباده، بخلاف رأي العالم، والدليل الشرعي يمتنع أن يكون خطأ إذا لم يعارضه دليل آخر، ورأي العالم ليس كذلك.. إلى أن قال: وليس لأحد أن يعارض الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم بقول أحد من الناس” ا. هـ. كلامه.
وأما الطائفة المستقيمة فهي التي سلكت المسلك الشرعي الذي أوضحه الله لعباده وأبانه لهم، بل ألزمهم به، وجعل الاهتداء إليه من مقتضيات الإيمان، وهو ردّ النزاع إلى الكتاب والسنَّة، فما وافقهما أخذت به واطرحت ما سواه دون محاباة أو التفات إلى غيره امتثالاً لأمره سبحانه: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء: 59] قال ابن كثير: وهذا أمر من الله عزَّ وجلَّ بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يُرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنَّة”، ويقول سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } [الشورى: 10] قال ابن كثير: “أي مهما اختلفتم فيه من الأمور وهذا عام في جميع الأشياء، فحكمه إلى الله.. أي هو الحاكم فيه بكتابه وسنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم” وقال ابن القيم: والمقصود أن أهل الإيمان لا يخرجهم تنازعهم في بعض مسائل الأحكام عن حقيقة الإيمان إذا ردوا ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله كما شرطه الله عليهم بقولهم: { فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } [النساء: 59] ولا ريب أن الحكم المعلق على شرط ينتفي عند انتقائه”ا. هـ كلامه.
فهذا هو طريق الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ونهجهم ونهج من سار على طريقهم واقتفى أثرهم من الأئمة المتبوعين والعلماء الناصحين، فكانوا إذا تنازعوا في شيء ردوا ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول، وإن كان بعضهم أعلم من بعض في مواضع أخر، ولهذا ترك الصحابة قول عمر وابن مسعود رضي الله عنهما في مسألة تيمم الجنب وأخذوا بقول من هو دونهما كأبي موسى الأشعري رضي الله عنه وغيره لما احتج بالكتاب والسنَّة، وتركوا قول عمر رضي الله عنه في دية الأصابع وأخذوا بقول معاوية رضي الله عنه لما معه من السنَّة، ولما ناظر بعض الناس عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في متعة الحج وقال له: قال أبو بكر وعمر، قال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول قال الرسول وتقولون قال أبو بكر وعمر، وكان الإمام أبو حنيفة يقول: “قولنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه فمن جاء بأحسن من قولنا فهو أولى بالصواب منّا” ومثله قول الإمام الشافعي: إذا صح الحديث فاضربوا بقولي الحائط” وقول الإمام أحمد: “من قلة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال”، فهؤلاء هم الصحابة الكرام والأئمة الأعلام رأوا الحق فيما ظهر لهم ولم يجعلوه حجة يعوّل عليه، بل اعتبروا الحجة في اتباع الدليل الصحيح، زهدوا في أقوالهم للحق واتسعت صدورهم لقبوله ورغبوا في خلاص أنفسهم من آثار الفتوى.
فرد النزاع إلى الكتاب والسنَّة مقتضى نصوص الشريعة في حق من رزقه الله علماً وفهماً، وعنده من مقومات الرد إلى الكتاب والسنَّة ما يؤهله لذلك، وأما من لا يحسن النظر في الدليل، فالمتعين في حقه سؤال أهل العلم الموثوق في علمهم لقوله تعالى: { فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (43) {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ } (44) [النحل: 43 - 44] ولا يعرّض دينه للهوى والشهوة بتتبع الرخص والأقوال المهجورة.
نسأل الله سبحانه أن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح وأن يرزقنا الاستقامة على دينه والثبات عليه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
بقلم: د. علي بن فهد أبابطين* * عضو هيئة التدريس بالكلية التقنية ببريدة

من هم السلفيين

فتاوى العلماء الربانين حول السلفية
قال الشيخ صالح الفوزان في كتابه البيان (ص 130) وذلك جواباً على سؤال نصه :


"فضيلة الشيخ . هل السلفية حزب من الأحزاب ؟ وهل الانتساب لهم مذموم؟.



قال في الجواب : السلفية هي الفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة ، ليست حزباً من الأحزاب التي تسمى الآن أحزاباً ، وإنما هم جماعة ، جماعة على السنة وعلى الدين ، هم أهل السنة والجماعة ، قال صلى الله عليه وسلم : (لاتزال طائفة من أمتى على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة . قالوا من هي يارسول الله ؟ قال : من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي).

فالسلفية طائفة على مذهب السلف على ماكان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهي ليست حزباً من الأحزاب العصرية الآن وإنما هي جماعة قديمة من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم متوارثة مستمرة لا تزال على الحق ظاهرة إلى قيام الساعة كما أخبر صلى الله عليه وسلم ". ( المصدر السابق ).


قال الشيخ صالح بن عبدالله العبود في كتابه عقيدة الشيخ محمد بن عبدالوهاب السلفية ص (254ـ255) :

"إن المراد من التعبير بالسلفية هو اتباع طريقة السلف الصالح من هذه الأمة المسلمة الذين هم أهل السنة والجماعة
ومعنى ذلك هو الإجماع والاجتماع على اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثاره باطناً وظاهراً واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان






فتوى اللجنة



وجاء في الفتوى رقم (1361) (1/165) :


"س / ما هي السلفية وما رأيكم فيها ؟

ج / السلفية نسبة إلى السلف والسلف هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة الهدى من أهل القرون الثلاثة الأولى (رضي الله عنهم) الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخير في قوله : (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجئ أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته) رواه الإمام أحمد في مسنده والبخاري ومسلم ،
والسلفيون جمع سلفي نسبة إلى السلف ، وقد تقدم معناه وهم الذين ساروا على منهاج السلف من اتباع الكتاب والسنة والدعوة إليهما والعمل بهما فكانوا بذلك أهل السنة والجماعة .

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ".
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء
عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبدالله بن قعود عبدالله بن غديان عبدالرزاق عفيفي عبدالعزيز بن باز.








وقال ابن باز : ((الفرقة الناجية : هم السلفيون وكل من مشى على طريقة السلف الصالح)).



وقال ابن عثيمين : ((فأهل السنة والجماعة ،هم السلف معتقداً حتى المتأخر إلى يوم القيامة،إذا كان على طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه = فإنه سلفي)).




كما إن إطلاق الأسماء علي أي حقيقة لا ضرر منه مطلقا٬سواء في الشرعيات أو المباحات ٬ والاسم ما دام أنه لم يشتمل علي باطل فليس ممنوعا شرعا ٬ ولا مشاحة في الاصطلاح .
ثانيا: فلقد سُمّي بعض المسلمين بالمهاجرين من أجل الهجرة ٬ وسُمّي آخرون بالأنصار من أجل النصرة٬ وسُمّي آخرون بالتابعين لاتباعهم الصحابة٬ وسُمّي آخرون بالسلفيين لاتباعهم السلف ومنهجهم ٬ وقد تبين معنا أهمية هذه التسمية ٬> لتمييز الفرقة الناجية والطائفة المنصورة عن سائر الطوائف المخالفة لهم باسم يتميزون به.
 
ومع هذا فالسلفيين لا يتعصبون لهذا الاسم ٬ فهم مسلمون يوالون كل مسلم علي قدر اتباعه للإسلام وحسب اعتقاده وإيمانه٬ فهم لا ينصرون من اتسم بالسلفي إن كان مبطلا٬ولو كان عدوه كافر٬ إنما ينصرونه بكفه عن باطله ٬ فإن الدعوة السلفية منهج الإسلام لفهم الإسلام والعمل به والدعوة إليه.


وقد ظهر مُسمّي (السلفية) في العصر العباسي كرد فعل لمن عُرفوا بـ(الخلف) ٬ وتبلور المسمي علي يد شيخ الإسلام ابن تيمية ٬ وأصبح هذا الاسم مما يميز تلك الطائفة التي لم يشب منهجها شائبة...أما المنهج فهو واحد وإن تعددت أسماؤه.









هل التسمي بالسلفية بديلا عن التسمي بـ(السنة والجماعة) ؟






لا ليس التسمي بالسلفية بديلا عن التسمي بالسنة والجماعة ٬ لأن المذهب السلفي هو مذهب أهل السنة والجماعة هو مذهب أهل الحديث والأثر هو مذهب الفرقة الناجية والطائفة المنصورة ٬ فهي كلها أشبه بمرادفات لبعضها البعض ٬ وكلها تشير إلي مذهب الطائفة المذكورة في الحديث (الجماعة) (ما كان عليه رسول الله وصحابته) .





الإجماع على مشروعية الانتساب إلى : ((السلف))


و حكى الإجماع على على صحة الانتساب إلى السلف:
شيخ الإسلام ابن تيميه ـ رحمه الله ـ في الفتاوى : (1/149) في رده على قول العز بن عبدالسلام :
".. والآخر يتستر بمذهب السلف": ( ولا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق؛ فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقاً، فإن كان موافقاً له باطناً وظاهراً، فهو بمنزلة المؤمن الذي هو على الحق باطناً وظاهراً، وإن كان موافقاً له في الظاهر فقط دون الباطن فهو بمنزلة المنافق ، فتقبل منه علانيته وتوكل سريرته إلى الله، فإنا لم نؤمر أن ننقب عن قلوب الناس ولا نشق بطونهم.






إن الانتساب إلى السلف فخر وأي فخر وشرف ناهيك به من شرف، فلفظ السلفية أو السلفي لا يطلق عند علماء السنة والجماعة إلا على سبيل المدح.
 
والسلفية رسم شرعي أصيل يرادف {أهل السنة والجماعة} و {أهل السنة } و{أهل الجماعة} ، و{أهل الأثر} و {أهل الحديث} و {الفرقة الناجية} و{الطائفة المنصورة} و{أهل الاتباع













لا تلمزونا يا خفافيش الدجى


بتطرّفٍ وتسرّعٍ وتشدّدِ


لا تقذفونا بالشذوذ فإنّنا


سرنا على نهج الخليل محمّدِ

ولكلّ قولٍ نستدلّ بآيةٍ
أو بالحديث المستقيم المسنَدِ
واعلم بأنّ مَن اقتدى بمحمّدٍ
سيناله كيدُ الغواةِ الحُسَّدِ